×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

أَوْ بِمَحَبَّةِ مَا دُونُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي غَايَةِ الْحَقَارَةِ وَالْهَوَانِ، فَالإِْنْسَانُ عَبْدُ مَحْبُوبِهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ، كَمَا قِيلَ:

أَنْتَ الْقَتِيلُ بِكُلِّ مَنْ أَحْبَبْتَهُ

 

فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ فِي الْهَوَى مَنْ تَصْطَفِي

فَمَنْ لَمْ يَكُنْ إِلَهُهُ مَالِكَهُ وَمَوْلاَهُ، كَانَ إِلَهُهُ هَوَاهُ، قَالَ تَعَالَى: {أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمٖ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَٰوَةٗ فَمَن يَهۡدِيهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [الْجَاثِيَةِ: 23] .

****

الشرح

لا يُمكِن يَجْتَمِع حُبُّ اللهِ عز وجل وحُبُّ الصُّوَر والفِتَن والشَّهَوَات، لا يَجتمعانِ أبدًا لأنهما ضِدَّان، فإما أن تُحِبّ اللهَ وتَكْرَه هذه الأشياءَ، وإما أن تُحِبّ هذه الأشياءَ ولا تُحِبّ اللهَ عز وجل .

واللهُ تعالَى يَقول: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ} [البقرة: 165] ؛ لأن مَحَبَّة المُؤمنين للهِ خَالِصَةٌ، ومَحَبَّة المُشركين للهِ مُشْتَرَكَةٌ، فهم يُحِبّون اللهَ ويُحِبّون الأصنامَ فبَطَلَتْ مَحَبَّتهم للهِ، أما المُؤمِنون فيُحِبّون اللهَ حُبًّا خالصًا، ولهذا يُبغِضون الأصنامَ ويُبغِضون الشِّرك باللهِ عز وجل .

وأعلَى دَرَجَات الدِّين الحُبُّ في اللهِ والبُغْضُ في اللهِ؛ مَحَبَّة اللهِ أَوَّلاً، ثم مَحَبَّة رَسُولِه، ثم مَحَبَّة أَوْلِيَاء اللهِ وبُغْضُ أعدائِه.

ولهذا عاتبَ اللهُ المؤمنينَ الذِين لم يُهاجِروا ولم يُقاتِلوا في سَبيل اللهِ، فقالَ: {قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} [التوبة: 24] ، فمن قدَّم مَحبوباته على مَحَبَّة اللهِ فهو


الشرح