×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 مُتَوَعَّد بهذا الوَعِيد، أما الذِي يُقدِّم مَحَبَّة اللهِ على مَحبوبات نَفسه فهذا هو السَّعيد، لكِن هذا يَحتاج إلى إيمانٍ وصَبر ويَقينٍ.

ومن أَحَبَّ اللهَ عز وجل فإنه يُحِبّ ما يُحِبّه اللهُ، ويُبْغِض ما يُبْغِضه اللهُ، ومن أحبَّ غيرَ اللهِ ابتلاهُ اللهُ جل وعلا بحُبِّ أشياءَ لا تَنفعُه بل تَضُرُّه؛ فيُحِبّ النظرَ إلى النساءِ، ويُحِبّ النظرَ إلى ما حَرَّمَ اللهُ، بل قد يُحِبّ عِبادةَ الأصنامِ، فإن المُشرِكين يُحِبّون الأصنامَ؛ ولهذا يَستمِيتون دُونها ويُقاتلون ويُقتلون لأجلِها، ولو كَانوا لا يُحِبّونها ما قَاتلوا دُونها ولا بَذَلُوا أنفسَهم وأموالَهم لأجلِها. لمَّا تَرَكُوا مَحَبَّة اللهِ ابتلاهُم اللهُ بمَحَبَّة الأشجارِ والأحجارِ والقُبور والأَضْرِحة وغَير ذلك، فضَاعُوا في مَحَبَّتها وهَلَكُوا عُقوبةً لهم.

فهذا الفَرْقُ بينَ المَحَبَّتَيْنِ: مَحَبَّة اللهِ، ومَحَبَّة غيرِ اللهِ.

نَعَمْ، الإنسانُ يُحِبّ أولادَه ويُحِبّ مالَه ويُحِبّ بلدَه، لكِن هذه مَحَبَّة طَبيعية وليستْ مَحَبَّة عِبادةٍ، فإنْ قدَّمها على اللهِ صَارت مَذمومةً؛ لقولِه تَعالى: { قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ} إلى آخرِ الآيةِ.

أما مَن قدَّم مَحَبَّة اللهِ تبارك وتعالى عَلى مَحَبَّة هذه الأشياءِ فهذا دَليلٌ على صِدقه مع اللهِ؛ ولهذا تَرَكَ الصَّحابةُ أوطانَهم وأولادَهم وهَاجروا مع رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، تَركُوا مَحبوباتهم، وآثرُوا مَحَبَّة اللهِ ورَسوله، فهَاجروا وجَاهدوا في سَبيل اللهِ، وبَذلوا أنفسَهم وأموالَهم، وهذه هِيَ المَحَبَّة الصَّادِقة.

***


الشرح