ثُمَّ الْعِشْقُ وَهُوَ
إِفْرَاطُ الْمَحَبَّةِ، وَلِهَذَا لاَ يُوصَفُ بِهِ الرَّبُّ تبارك وتعالى ،
وَلاَ يُطْلَقُ فِي حَقِّهِ.
ثُمَّ الشَّوْقُ وَهُوَ
سَفَرُ الْقَلْبِ إِلَى الْمَحْبُوبِ أَحَثَّ السَّفَرِ، وَقَدْ جَاءَ إِطْلاَقُهُ
فِي حَقِّ الرَّبِّ تَعَالَى، كَمَا فِي مُسْنَدِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ عَنْ
عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ: أَنَّهُ صَلَّى صَلاَةً فَأَوْجَزَ فِيهَا، فَقِيلَ لَهُ
فِي ذَلِكَ، فَقَالَ أَمَا إِنِّي دَعَوْتُ فِيهَا بِدَعْوَاتٍ كَانَ النَّبِيُّ
عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يَدْعُو بِهِنَّ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي إِذَا كَانَتِ
الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي،
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ
كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي
الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لاَ يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ
عَيْنٍ لاَ تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ،
وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَأَسْأَلُكَ الشَّوْقَ إِلَى
لِقَائِكَ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ
زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِْيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ» ([1]).
وَفِي أَثَرٍ آخَرَ: «طَالَ
شَوْقُ الأَْبْرَارِ إِلَى لِقَائِي، وَأَنَا إِلَى لِقَائِهِمْ أَشَدُّ شَوْقًا» ([2]).
وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى
الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ
اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ» ([3]).
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَصَائِرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ ٱللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ ٱللَّهِ لَأٓتٖۚ} [الْعَنْكَبُوتِ: 5] : لَمَّا عَلِمَ سُبْحَانَهُ شِدَّةَ شَوْقِ أَوْلِيَائِهِ إِلَى لِقَائِهِ،
([1])أخرجه: النسائي رقم (1306)، وأحمد رقم (18325).