×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 فَتَمَسَّكْ بِهَذَا الأَْصْلِ فِي نَفْسِكَ وَفِي غَيْرِكَ، فَالْوِلاَيَةُ عِبَارَةٌ عَنْ مُوَافَقَةِ الْوَلِيِّ الْحَمِيدِ فِي مَحَابِّهِ وَمَسَاخِطِهِ، وَلَيْسَتْ بِكَثْرَةِ صَوْمٍ وَلاَ صَلاَةٍ وَلاَ تَمَزُّقٍ وَلاَ رِيَاضَةٍ.

وَالْمَحْبُوبُ لِغَيْرِهِ قِسْمَانِ أَيْضًا:

أَحَدُهُمَا: مَا يَلْتَذُّ الْمُحِبُّ بِإِدْرَاكِهِ وَحُصُولِهِ.

وَالثَّانِي: مَا يَتَأَلَّمُ بِهِ وَلَكِنْ يَحْتَمِلُهُ لِإِفْضَائِهِ إِلَى محبوبه، كَشُرْبِ الدَّوَاءِ الْكَرِيهِ.

قَالَ تَعَالَى: { كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡ‍ٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيۡ‍ٔٗا وَهُوَ شَرّٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} [الْبَقَرَةِ: 216] . فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ الْقِتَالَ مَكْرُوهٌ لَهُمْ مَعَ أَنَّهُ خَيْرٌ لَهُمْ لِإِفْضَائِهِ إِلَى أَعْظَمِ مَحْبُوبٍ وَأَنْفَعِهِ.

وَالنُّفُوسُ تَحْتَ الرَّاحَةِ وَالدَّعَةِ وَالرَّفَاهِيَةِ، وذَلِكَ شَرٌّ لَهَا لِإِفْضَائِهِ إِلَى فَوَاتِ الْمَحْبُوبِ، فَالْعَاقِلُ لاَ يَنْظُرُ إِلَى لَذَّةِ الْمَحْبُوبِ الْعَاجِلِ فَيُؤْثِرُهَا، وَأَلَمِ الْمَكْرُوهِ الْعَاجِلِ فَيَرْغَبُ عَنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ شَرًّا لَهُ، بَلْ قَدْ يَجْلِبُ عَلَيْهِ غَايَةَ الأَْلَمِ وَيُفَوِّتُهُ أَعْظَمَ اللَّذَّةِ، بَلْ عُقَلاَءُ الدُّنْيَا يَتَحَمَّلُونَ الْمَشَاقَّ الْمَكْرُوهَةَ لِمَا يُعْقِبُهُمْ مِنَ اللَّذَّةِ بَعْدَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُنْقَطِعَةً.

فَالأُْمُورُ أَرْبَعَةٌ:

مَكْرُوهٌ يُوَصِّلُ إِلَى مَكْرُوهٍ.

وَمَكْرُوهٌ يُوَصِّلُ إِلَى مَحْبُوبٍ.

وَمَحْبُوبٌ يُوَصِّلُ إِلَى مَحْبُوبٍ.

وَمَحْبُوبٌ يُوَصِّلُ إِلَى مَكْرُوهٍ.


الشرح