×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 فَالْمَحْبُوبُ الْمُوَصِّلُ إِلَى الْمَحْبُوبِ قَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ دَاعِيَ الْفِعْلِ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَالْمَكْرُوهُ الْمُوَصِّلُ إِلَى مَكْرُوهٍ، قَدِ اجْتَمَعَ فِيهِ دَاعِي التَّرْكِ مِنْ وَجْهَيْنِ.

بَقِيَ الْقِسْمَانِ الآْخَرَانِ يَتَجَاذَبُهُمَا الدَّاعِيَانِ، وَهُمَا مُعْتَرَكُ الاِبْتِلاَءِ وَالاِمْتِحَانِ، فَالنَّفْسُ تُؤْثِرُ أَقْرَبَهُمَا جِوَارًا مِنْهَا وَهُوَ الْعَاجِلُ، وَالْعَقْلُ وَالإِْيمَانُ يُؤْثِرُ أَنْفَعَهُمَا وَأَبْقَاهُمَا، وَالْقَلْبُ بَيْنَ الدَّاعِيَيْنِ، وَهُوَ إِلَى هَذَا مَرَّةً، وَإِلَى هَذَا مَرَّةً.

وَهَاهُنَا مَحَلُّ الاِبْتِلاَءِ شَرْعًا وَقَدَرًا، فَدَاعِي الْعَقْلِوَالإِْيمَانِ يُنَادِي كُلَّ وَقْتٍ: حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ، عِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرَى، وَفِي الْمَمَاتِ يَحْمَدُ الْعَبْدُ التُّقَى، فَإِنِ اشْتَدَّ ظَلاَمُ لَيْلِ الْمَحَبَّةِ، وَتَحَكَّمَ سُلْطَانُ الشَّهْوَةِ وَالإِْرَادَةِ، يَقُولُ: يَا نَفْسُ اصْبِرِي،

فَمَا هِيَ إِلاَّ سَاعَةٌ ثُمَّ تَنْقَضِي

 

وَيَذْهَبُ هَذَا كُلُّهُ وَيَزُولُ

****

الشرح

المحبوباتُ على قِسْمَين:

قِسمٌ يُحَبُّ لذاتِه، وهو اللهُ، فليسَ شيءٌ يُحَبُّ لذاتِه إلا اللهُ سبحانه وتعالى .

وقِسم يُحَبُّ لغَيره، وهذا يُنظَر فيه ويُوازَن بينَ حاضرِه ومُستقبله أيهما أحسَن وأيهما أَنْفَع؛ فالعبدُ يفكِّر في هذه الأمورِ، ولا يندفعُ مع مَحبوباته دونَ أن ينظُر فيها وفي عَواقبها ومَآلاتها، فيأخُذ منها ما تكُون عَاقبته حَميدة، ويترُك ما كانتْ عَاقبته سيِّئة، ولا يتَّبع شهوةَ نفسِه مُطلقًا، بل ينظُر في المَآلات.

والمَحبة موجودةٌ في كُل الناسِ، لكن يُنظَر في هذا المَحبوب، هل هو يُحَبُّ لذاتِه أو يُحَبُّ لغَيره؟


الشرح