فَتَبَارَكَ مَنْ حَمَّلَ
هَذَا الْخَلْقَ الضَّعِيفَ هَذَيْنِ الأَْلَمَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ اللَّذَيْنِ
لاَ تَحْمِلُهُمَا الْجِبَالُ الرَّوَاسِي!
فَاعْرِضْ عَلَى نَفْسِكَ
الآْنَ أَعْظَمَ مَحْبُوبٍ لَكَ فِي الدُّنْيَا، بِحَيْثُ لاَ تَطِيبُ لَكَ
الْحَيَاةُ إِلاَّ مَعَهُ، فَأَصْبَحْتَ وَقَدْ أُخِذَ مِنْكَ، وَحِيلَ بَيْنَكَ
وَبَيْنَهُ أَحْوَجَ مَا كُنْتَ إِلَيْهِ، كَيْفَ يَكُونُ حَالُكَ؟ هَذَا وَمِنْهُ
كُلُّ عِوَضٍ، فَكَيْفَ بِمَنْ لاَ عِوَضَ عَنْهُ؟! كَمَا قِيلَ:
|
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِذَا ضَيَّعْتَهُ
عِوَضُ |
|
وَمَا مِنَ اللَّهِ إِنْ ضَيَّعْتَهُ
عِوَضُ |
وَفِي أَثَرٍ إِلَهِيٍّ:
«ابْنَ آدَمَ، خَلَقْتُكَ لِعِبَادَتِي فَلاَ تَلْعَبْ، وَتَكَفَّلْتُ بِرِزْقِكَ
فَلاَ تَتْعَبْ، ابْنَ آدَمَ، اطْلُبْنِي تَجِدْنِي، فَإِنْ وَجَدْتَنِي وَجَدْتَ
كُلَّ شَيْءٍ، وَإِنْ فُتُّكَ فَاتَكَ كُلُّ شَيْءٍ، وَأَنَا أَحَبُّ إِلَيْكَ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ».
****
الشرح
المُؤمن لا يتلذَّذ إلا
بطاعةِ اللهِ عز وجل وعِبادته وذِكْره، وتِلاوة القُرآن، والصِّيام، والتَّهَجُّد،
وأما الفَاسق فإنه يتلذَّذ بالشَّهوات، والكَسَل، والنَّوْم، وهذا حِرمَان له،
فإنه يَتمتَّع مَتاعًا عاجلاً ويفقدُ المتاعَ الدَّائم، أما المُؤمِن قَوِي الإيمانِ
فهو على العَكْس يتلذَّذ بالطاعاتِ والقُربات، ويَرتاح فيها ويَطمئنُّ فيها؛ لأنه
يَرجو ثوابَها وعَاقبتها، فتَهُون عليه المَتاعب بقُوة إيمانِه بما عِند اللهِ،
فاللهُ جل وعلا يُمِدُّه ويُعِينه على ما يَقومُ به مِن العِبادات.
وكذلكَ المُؤمِن إذا فَاتته العِبادة إما لنومٍ أو مَرَضٍ أو مانعٍ أو عَارضٍ عرضَ له، يَتألَّم لفَقدها؛ لأنها لَذَّته ورَاحته وطُمأنينته.