×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

ولما قالَ اليهودُ والنَّصَارى: {نَحۡنُ أَبۡنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥۚ} [المائدة: 18] ، امتحنَهم اللهُ بهَذه الآيةِ: {قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31] ، فدَلَّ على أن اتِّباعَ الرسُول صلى الله عليه وسلم هو العَلامة الفَارقة بينَ من يُحِب اللهَ عز وجل ومَن لا يُحِبه، ولهَذا قالَ: {قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} [آل عمران: 32] ، إن تَوَلَّوا عن اتِّباع الرسولِ صلى الله عليه وسلم فَهُمْ كافرونَ، واللهُ لا يُحِب الكافرينَ.

وقالَ سبحانه وتعالى : {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ} [المائدة: 54] ، لماذا يُجاهدون في سَبيل اللهِ؟ لأنهم يُحِبون اللهَ تبارك وتعالى ، واللهُ يُحِبهم، فهم يُجاهدون في سَبيله لإعلاءِ كَلمته، وليُعبدَ وحدَه، وتُترَك عِبادة ما سِوَاه.

فعَلامة أنهم يُحِبون اللهَ جل وعلا وأن اللهَ يُحِبهم: أنهم يُجاهِدون في سَبيله ولا يَخافُون لَوْمَة لائمٍ، ولا يَنظُرون إلى الناسِ هل مَدَحُوهم أو ذَمُّوهم، ولا يَنظُرون إلى أَذاهم، إنما يَنْظُرون إلى رِضا اللهِ، أما الذِي يَخاف مِن الناسِ ويَخاف مِن اللَّوْم، فهذا تكُون مَحبته للهِ ناقصةً، أو ليسَ فيه مَحبةٌ أصلاً.

وهذا وَعدٌ مِن اللهِ سبحانه وتعالى أنه لا يُضيِّع دِينه، بل يُهَيِّئ له مَن يَقومُ به، كما قالَ تبارك وتعالى : {وَإِن تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ أَمۡثَٰلَكُم} [محمد: 38] ، ذكرَ المُفسِّرون أن هَذه الآيةَ نَزَلَتْ في أبي بكرٍ الصِّدِّيق والصَّحَابة جل وعلا لما قَاتلوا أهلَ الرِّدَّة ([1]) {مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ} [المائدة: 54] .


الشرح

([1])ينظر: تفسير الطبري (10/410)، وتفسير ابن أبي حاتم (4/1160).