×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

ولذلكَ فإن المُؤمنين يُحِبون اللهَ عز وجل ، ويَعبدونه، ويَبذُلون الأنفسَ والأموالَ في طاعتِه؛ لأنهم يُحِبونه حبًّا شديدًا، وهو يُحِبهم سبحانه وتعالى ، فالمُؤمِنون لا يَعدِلون باللهِ أحدًا، ولا يُساوُون به غَيره، وهَذه هي مَحبة العُبوديةِ النافعةِ.

أما الكُفار فهم يُحِبون الأصنامَ وما يَعبدُونه مِن دُون اللهِ: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ} [البقرة: 165] ، يُحِبون أصنامَهم كما يُحِب المُؤمنون اللهَ عز وجل ، فهم ما عَبدُوا الأصنامَ إلا لأنهم يُحِبونها، ولا جَاهدُوا دُونها وبَذلوا أنفسَهم وأموالَهم دُونها إلا لأنَّهم يُحِبونها.

وحَتى الأشيَاء التِي قد لا يكُون لها قِيمة ويتعلَّق بَعض الناسِ بها ويُحِبونها، مِثل: أصحابِ الرِّياضة الذِين يُسمونها مُباريات وكُرة القَدَم ونَحوها؛ يُحبونها حبًّا شديدًا، ولذلك يَتعبُون فيها ويَبذُلون فيها المالَ والجُهد الكَثير، وتَجِد أحدَهم يُقَبِّل ما يُسَمُّونه بالكَأسِ، لأيِّ شيءٍ يُقَبِّله؟! ما فيه فائدةٌ، لكن لأنه يُحِب فقط، وما تَعبوا هذا التعبَ إلا لأنهم يُحِبون هذه المِهنة، وتعلَّقتْ قُلوبهم بها.

وكذلكَ يُحِب الإنسانُ المالَ، ولذلكَ يُفْنِي عُمره، ويُخاطر بنفسِه، ويَسهر ويَتعب ويُسافر طلبًا للمَال: {وَتُحِبُّونَ ٱلۡمَالَ حُبّٗا جَمّٗا} [الفجر: 20] ، {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ} [آل عمران: 14] .

فما أحدٌ يتحرَّك بطلبِ شيءٍ إلا لأنَّه يُحِبه، ولولا المَحبة ما تحرَّك الإنسانُ، ولتعطَّلت الأشياءُ، وهذا مِن حِكمة اللهِ سبحانه وتعالى أن جعلَ هذه المَحبة في قُلوب الناسِ لما يُريدونه، فمِنهم مَن يُحِب الخَير،


الشرح