إلا اللهُ، وجِبْرِيلُ عليه السلام هو أعظمُهم
وسَيِّدهم، وهو المُوكَّل بالوَحي، وهم أصنافٌ كُل صِنفٍ له عَمَل وَكَّلَه اللهُ
إليه في هذا الكَوْن، كما ذكرَ اللهُ في كثيرٍ مِن الآياتِ.
فالإيمانُ بالمَلائكة لا
بُدَّ مِنه، وإن كنَّا لا نَراهم؛ لأن هَذا مِن الإيمانِ بالغَيْب، ولكِن اللهَ
أخبرَ عنهم، ورسُوله صلى الله عليه وسلم أخبرَ عَنهم.
وقد ذكرَ اللهُ جل وعلا لنا
بعضَ أعمالِ المَلائكة، فمِنهم: المُوكَّل بالوَحي وهو جِبْرِيل، والمُوكَّل
بالقَطْر وهو مِيكَال، ومنهم المُوكَّل بالأرواحِ وهو إِسْرَافِيل، ولذلك كانَ
النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقولُ في دُعاء الاستفتاحِ: «اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ» ([1]).
لماذا خَصَّ هؤلاءِ
المَلائكة الثَّلاثة؟ لأن جِبريل عليه السلام مُوكَّل بالوَحي الذِي به حَياة
القُلوب، ومِيكائيل مُوكَّل بالقَطر الذِي به حَياة الأرضِ، وإسرافِيل مُوكَّل
بالأرواحِ التي فيها حَياةُ الأبدانِ.
وكذلكَ بَقِيَّة المَلائكة،
منهم المُوكَّل بالأَجِنَّة في البُطُون، والمُوكَّل بحِفْظ الأعمالِ لبَنِي آدمَ،
والمُوكَّل بحِفظ الإنسانِ من المَكرُوهات والآفاتِ، فالإنسانُ يَمشي ومعه
مَلائكةٌ لا يَتَخَلَّوْا عنه، فإذا وقعَ في الهَلاك والخَطر وتسلَّط عليه عَدوه،
وتسلَّطت عليه السِّباع.
فالمَلائكة تدفعُ عنه بإذنِ اللهِ، ما دامَ له بَقِيَّة في هذه الحَياة، فإذا جاءَ الأجلُ تَخَلَّوْا عنه: {لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٞ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ} [الرعد: 11] فهم معه يَحفظُونه، ومَلائكة يُسَجِّلون عليه أعمالَه مِن الخَيرِ والشرِّ: {مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ} [ق: 18] ، لكنه لا يَرَاهُم، ولكنه يَجِب عليه الإيمانُ بهم.
([1])أخرجه: مسلم رقم (770).