×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 وهي امرأَةُ ملِكٍ في غَاية الجمَال، وهو في غَاية الشَّبابِ والقُوةِ والشَّهوة، وغَريبٌ لا يعرفُه أحدٌ، فتَوفَّرت أسبَاب الوُقوعِ في الفِتنَة، لكنَّ اللهَ عصمَه: {كَذَٰلِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوٓءَ وَٱلۡفَحۡشَآءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِينَ} [يوسف: 24] ، لكنَّ هذا بعد الابتِلاء والامتحَان.

وقولُه: «أنَّه كان في الظَّاهرِ ممْلوكًا لهَا في الدَّار، بحيثُ يدخُل ويخرُج ويحضُر معَها ولا يُنكَر عليْه»، وهذا ممَّا يُنبه على منعِ الاختِلاطِ بين الرِّجَال والنِّسَاء، وعدمِ دخُولِ الرجَال على غيْر محارِمِهم، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : «إِيَّاكُمْ والدُّخُولُ عَلَى النِّسَاء» ([1]). فلمَّا كان يُوسفُ عليه السلام في قبْضَة هذه المَرأَةومخَالِطًا لهَا، سبِّبَ ذلك افتتَانَها بِه، ولوْلا أنَّ الله جل وعلا ثبَّتَه ومنعَه لحصَل المحْذُور.

وقولُه: «أنَّ الزَّوج لم يظْهرْ منْه الغَيرَة والنَّخْوة مَا يفرِّق به بَينهُما»، وهذا دليلٌ علَى أنَّ ضَعفَ غيْرةِ الرَّجلِ تُسببُ ضيَاع المَرأَة، وكَون العَزيزِ ترَك يوسفَ في بيتِه مع امْرأَته فهذا تعْريضٌ للخَطرِ، ولَولا أنَّ الله سبحانه عصَم نبيَّه مِن ذلك لحصَل الشَّرُ الكثِير.

فهذا ممَّا يدلُ على وُجوبِ عدمِ التَّساهلِ في وجُودِ الرِّجالِ الأَجانبِ مع النِّسَاء والاخْتلاطِ بهِن، فلا أحدٌ أوثَق ولا أكثَر أمَانة مِن يوسفَ عليه السلام ، ومَع هذا لمْ يسلمْ مِن شرِّ هذه المَرأْة، فكيفَ لو كانَ مكَانه رجلٌ ضَعيفُ الإيمَانِ وضعيفُ الشَّخصيَّة؟ لا شكَّ أنَّها تُؤثرُ عليْه؛ فمَنْ ذا الذي مثل يُوسفَ عليه السلام في إيمَانِه وصبرِه وشَجاعتِه؟! أَكثرُ الرَّجالِ ضِعافٌ مع النِّسَاء، يَتغلبنَ عليْهم بأقلِّ سَببٍ؛ فهذا ممَّا يُؤكدُ وجوبَ عزْل النِّسَاء عنِ الرِّجالِ - إلا إذا كانُوا مِن محَارمِهن - .


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (5232)، ومسلم رقم (2172).