×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

ثُمَّ أَتبعَهم اللهُ بالعُقُوبةبعدمَا خَرجَ لوطٌ ومَن معَه إِلا زَوجتُهلأنَّها كانَت تُمارِي هَؤلاءِ وتَدلُّهم على الفسَاد؛ فهَلكَت معهَم -والعياذ بالله- ، ولمْ ينفعْها أنَّها زَوجَة نَبيٍّ، كما لمْ يضرُّ امْرأَة فِرعونَ أنَّ زوجَها كَافرٌ؛ لأنَّها كانتْ مُؤمنَة، فاللهُ جل وعلا إنَّما يَجزِي الإِنْسَان بعملِه لا بِعمَل غيرِه.

فهذا حَاصِلُ قِصَّة قومِ لُوط، أَهلكَهم اللهُ بعدَما أقَام عَليهم الحُجَّة، وبعدَ أن نَصحَهم لُوطٌ وبيَّن لهم عَاقبَة فِعلِ الفَاحشَة، بل قال لهم: {يَٰقَوۡمِ هَٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطۡهَرُ لَكُمۡۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخۡزُونِ فِي ضَيۡفِيٓۖ أَلَيۡسَ مِنكُمۡ رَجُلٞ رَّشِيدٞ} [هود: 78] ، فبيَّن لهم الطَّريقَ الصَّحيحَ لإِفراغِ الشَّهوةِ التي فَطرَهم الله عَليْها، وذلك بأنْ يَتزوَّجوا النِّسَاء المُؤمنَات، فذلك أَطهرُ لهم مِن هذه الفَاحشَة التي لم يَسبقْهم إليْها أحدٌ مِن العَالمين.

ولمَّا لمْ يَستجيبُوا للنُّصحِ ويَرجِعوا عن غَيهِم أَهلكَهم اللهُ، ووصَفهم بقولِه: {لَعَمۡرُكَ إِنَّهُمۡ لَفِي سَكۡرَتِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} [الحجر: 72] ، أي: لا يَزالُون في سِكرةِ الشَّهوةِ يَعمهُون، والعَمَهُ: أَشدُّ مِن العَمَى؛ لأَنَّ العَمَه هو عَمَى القَلْب، أمَّا العَمَى فهو عَمَى البَصَر.

وقولُه: «وهُو أَقسَام: تَارةٌ يَكوُن كُفرًا، كَمنِ اتَّخذَ مَعشُوقَه نِدًّا يُحبُّه كمَا يُحبُّ الله»، يعني: مِن أَقسَام العِشقِ مَا يَفعلُه المُشْركُون مِن مَحبَّتهم لأَصنَامِهم كَحبِّ اللهِ: {وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَادٗا يُحِبُّونَهُمۡ كَحُبِّ ٱللَّهِۖ} [البقرة: 165] ، فيُحبُّونَ الحَجَر والشَّجرَ والقَبْر كحبِّ اللهِ، ولذلك يَبذلُون جُهدَهم وأَموالَهم في الدِّفاعِ عنها.


الشرح