وَحْدَهُ خَلْفَ الْعَسْكَرِ
حَتَّى هَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَلَوْلاَ أَنْ تَوَلَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَرَاءَتَهَا،
وَالذَّبَّ عَنْهَا، وَتَكْذِيبَ قَاذِفِهَا، لَكَانَ أَمْرًا آخَرَ ([1]).
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ فِي
إِظْهَارِ الْمُبْتَلَى عِشْقَ مَنْ لاَ يَحِلُّ لَهُ الاِتِّصَالُ بِهِ مِنْ
ظُلْمِهِ وَأَذَاهُ مَا هُوَ عُدْوَانٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ، وَتَعَرُّضٌ
لِتَصْدِيقِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ ظُنُونَهُمْ فِيهِ، فَإِنِ اسْتَعَانَ عَلَيْهِ
بِمَنْ يَسْتَمِيلُهُ إِلَيْهِ، إِمَّا بِرَغْبَةٍ أَوْ رَهْبَةٍ، تَعَدَّى
الظُّلْمُ وَانْتَشَرَ، وَصَارَ ذَلِكَ الْوَاسِطَةُ دَيُّوثًا ظَالِمًا.
****
الشرح
العِشقُ آفة يُصاب بها الإِنْسَان،
وقَد كَان العَربُ في الجَاهليَّة قَبل الإِسلام مُبتَلِين بهذه الآفَة، وكان
شُعرَاءُ العِشْق والغَزَل مَعرُوفين، وأهم أَسبَاب ذلك: إِطلاقُ النَّظِر إلى ما
حرَّم اللهُ جل وعلا ، وعَدمُ تَحفُّظ المَرأَة وتَستُّرِها، فلمَّا جَاء الإِسلام
وصَان المَرأَة وجَعل لهَا حَواجِزَ وضَوابطَ ارتَفعتْ هذه الآفَة عنْ أهْل
الإِيمَان، لكنْ بَقيتْ في أَهلِ الفِسقِ وفي أَهلِ النِّفاقِ؛ ولكنْ من ابتُلي
بها فَعليْه بالمَبادَرة بِعلاجِها والابتعَاد عنْ أسبَابِها لعلَّ الله أن يشفيَه
مِنها.
ثُم إنَّ النَّاس - أيضا -
يَأنفُون مِمَّنْ يَرونَه يَميلُ إلى النِّسَاء، ويَتكلَّمون فيه ولا يَرحمُونَه،
وقَد يَتهمُونَه بالفَاحشَة، وهو الذي تَسبَّب لنَفسِه هذه الأُمُور، ولو أنَّه
تَعففَ وأبعدَ نفسَه عن أَسبَاب الشَّر لمَا حصَل له مَا حصَل.
واليَومُ - كما هو مَعلُوم - انتَشرَ تعرِّي النِّسَاء ومَخالطتُهن للرِّجالِ، وظُهورُهن على الشَّاشات، وهذا يُعيدنُا إلى أُمور الجَاهلية، بل إلى مَا هو أَشَد منْها، فَافتتَان الرِّجالِ بالنِّسَاء والنِّسَاء بالرِّجال آفَة خَطيرَة
([1])قصة الأفك أخرجها: البخاري رقم (2661)، ومسلم رقم (2770).