×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

ولمَّا ادَّعى اليَهود أنَّهم يُحبون اللهَ امتَحنَهم اللهُ بهذه الآية: {قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ} [آل عمران: 31] ، يعني: إنْ كنتُم صَادقينَ في أنَّكم تحبُّون اللهَ فاتبعُوا رسولَه محَمدًا صلى الله عليه وسلم ، فعَلامَة مَحَبَّة اللهِ اتبَاع رسولِه وطاعَته: {قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ} [آل عمران: 32] ، فمَن ادَّعى أنَّه يحبُّ اللهَ ولا يتَّبع الرسولَ صلى الله عليه وسلم فهذا كذَّاب.

ومِن ثمرَات مَحَبَّة اللهأنْ يخصَّ اللهُ جل وعلا بالمَحَبَّة مَن أحبَّه مِن عبادِه دونَ غيرِه، ويغفرَ له ذنوبَه وأحبَّه: {يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ} [آل عمران: 31] ، أما الكفَّار فإنَّ الله يبغضُهم: {فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ} [آل عمران: 32] ، {فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ} [البقرة: 98] .

فاللهُ يحبُّهم وهم يُحبُّون الله تبارك وتعالى ، والدَّليل على ذلكأنَّهم يجاهدُون في سَبيل اللهِ، ويَبذلُون أنفسَهم وأَموالَهم في سبيلِه؛ لأنَّه أحبّ إليْهم مِن أنفسِهم وأموالِهم، فيبذلُونها في نُصرةِ اللهِ سبحانه ونُصرَة دينِه، وهذه عَلامَة على المَحَبَّة: { يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ}.

وقد جَاء مصدَاق هذه الآية في قصَّة أَبي بَكرٍ الصِّديق رضي الله عنه مع المُرتدِّين، لمَّا تُوفي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ارتَدت جمَاعاتٌ مِن العرَب، فقيَّضَ الله لهم أبا بَكرٍ الصِّديق خليفةَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وصحابتَه الكرَام، فجَاهدُوا المُرتدِّين وقاتلُوهم حتَّى نصرَ اللهُ بهم دينَه، وأعلَى بهم كلمتَه، وخذَل المُرتدين.

فهذا مِن مَدلُول هذه الآية الكريمَةممَّا وعَد اللهُ به سبحانه وتعالى ، حيثُ جاءَ بأبي بَكرٍ والصَّحابة رضي الله عنهم فقَاتَلوا المُرتدين: {فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} [المائدة: 54] ، فهم نحْو المُؤمنين أَذلَّة، يعني: يَلينُون لهَمويَرحمُونهم، ويُشفقُون عليْهم، وأمَّا على الكفَّار فهُم أعزَّة أقويَاء، لا يَلينُون معَهم، ولا يُحابُونهم في دينِ الله عز وجل .


الشرح