وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِنُورِ وَجْهِهِ،
وَعَجَزَتِ الْقُلُوبُ عَنْ إِدْرَاكِ كُنْهِهِ، وَدَلَّتِ الْفِطَرُ
وَالأَْدِلَّةُ كُلُّهَا عَلَى امْتِنَاعِ مِثْلِهِ وَشِبْهِهِ، أَشْرَقَتْ
لِنُورِ وَجْهِهِ الظُّلُمَاتُ، وَاسْتَنَارَتْ لَهُ الأَْرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ،
وَصَلُحَتْ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ، لاَ يَنَامُ وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ
أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ
اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ
اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ، وَلَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ
مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ.
|
مَا اعْتَاضَ بَاذِلُ حُبِّهِ
لِسِوَاهُ مِنْ |
|
عِوَضٍ وَلَوْ مَلَكَ الْوُجُودَ
بِأَسْرِهِ |
****
الشرح
الخَلْق لا يُحبونَك إلا
لغَرَض، يُريدُون منْك نَفعًا، ويُريدُون منْك قَضاء حَوائجِهم؛ فهُم يُحبونَك
لأجْل حَاجتِهم إليْك، أمَّا اللهُ جل وعلا فَهو يُحبكَ وهو غَنيٌّ عنْك، وليسَ
بحَاجَة إليْك.
وهو سبحانه وتعالى يَأمرُك
بالطَّاعاتِ لأجْلِ أنْ يُضاعفَها لك، فيَأمرُك بالإنفَاق ليُضاعفَ لكَ أجرَ
النَّفقَة أَضعَافًا كثيرَة، وليسَ هو في حَاجَة إلى نَفقَتك، وإنَّما يَأمركَ بها
لحَاجتكَ أنتَ؛ فَأنتَ حينَما تُنفقُ فإنَّما تَنفَع نَفسَك، ويَزيدُ اللهَ أَجرَك
مِن عنْده فَضلاً وإِحسَانًا إِلى سَبعمِائة ضِعفٍ إلى أَضعَافٍ كَثيرَة، فهو
يَطلبُ منْك لكَ، أمَّا المَخلُوق فإنَّه يَطلبُ منْك لَه.
ومِن عدْله سبحانه أنَّه لا
يُضاعفُ السَّيئة، بَلِ السِّيئةُ بمِثلهَاأو يَعفُو عنهَا، أمَّا الحَسنَة فإنَّه
يُضاعفُها أَضعَافًا كَثيرَةلا يَعلمُها إلاَّ هو سبحانه، وهذا مِن فَضلِه وَكرمِه.
وقولُه: «أَلقَاك في النِّومِ» يعني: في
الحَاجَات.
***
الصفحة 46 / 375