وَإِذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَحَبَّة الْبَاطِلَةِ
الَّتِي هِيَ عَذَابٌ عَلَى قَلْبِ الْمُحِبِّ، يَقُولُ فِي حَالِهِ ([1]) :
وَمَا النَّاسُ إِلاَّ
الْعَاشِقُونَ ذَوُو الْهَوَى |
|
فَلاَ خَيْرَ فِيمَنْ لاَ يُحِبُّ
وَيَعْشَقُ |
وَيَقُولُ غَيْرُهُ:
أُفٍّ لِلدُّنْيَا إِذَا مَا لَمْ
يَكُنْ |
|
صَاحِبُ الدُّنْيَا مُحِبًّا أَوْ
حَبِيبًا |
وَيَقُولُ آخَرُ:
وَلاَ خَيْرَ فِي الدُّنْيَا وَلاَ
فِي نَعِيمِهَا |
|
وَأَنْتَ وَحِيدٌ مُفْرَدٌ غَيْرُ
عَاشِقِ |
وَيَقُولُ الآْخَرُ ([2]) :
اسْكُنْ إِلَى سَكَنٍ تَلَذُّ
بِحُبِّهِ |
|
ذَهَبَ الزَّمَانُ وَأَنْتَ
مُنْفَرِدُ |
وَيَقُولُ الآْخَرُ:
تَشَكَّى الْمُحِبُّونَ
الصَّبَابَةَ لَيْتَنِي |
|
تَحَمَّلْتُ مَا يَلْقَوْنَ مِنْ
بَيْنِهِمْ وَحْدِي |
فَكَانَتْ لِقَلْبِي لَذَّةُ
الْحُبِّ كُلُّهَا |
|
فَلَمْ يَلْقَهَا قَبْلِي مُحِبٌّ
وَلاَ بَعْدِي |
فَكَيْفَ بِالْمَحَبَّة
الَّتِي هِيَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ، وَغِذَاءُ الأَْرْوَاحِ، وَلَيْسَ لِلْقَلْبِ
لَذَّةٌ، وَلاَ نَعِيمٌ، وَلاَ فَلاَحٌ، وَلاَ حَيَاةٌ إِلاَّ بِهَا، وَإِذَا
فَقَدَهَا الْقَلْبُ كَانَ أَلَمُهُ أَعْظَمَ مِنْ أَلَمِ الْعَيْنِ إِذَا
فَقَدَتْ نُورَهَا، وَالأُْذُنِ إِذَا فَقَدَتْ سَمْعَهَا، وَالأَْنْفِ إِذَا
فَقَدَ شَمَّهُ، وَاللِّسَانِ إِذَا فَقَدَ نُطْقَهُ، بَلْ فَسَادُ الْقَلْبِ
إِذَا خَلاَ مِنْ مَحَبَّة فَاطِرِهِوَبَارِئِهِ وَإِلَهِهِ الْحَقِّ أَعْظَمُ
مِنْ فَسَادِ الْبَدَنِ إِذَا خَلاَ مِنْهُ الرُّوحُ.
وَهَذَا الأَْمْرُ لاَ يُصَدِّقُ بِهِ إِلاَّ مَنْ فِيهِ حَيَاةٌ، وَمَا لِجُرْحِ مَيِّتٍ إِيلاَمُ.