فَفِي مَحَبَّة اللَّهِ
وَكَلاَمِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم أَضْعَافُ أَضْعَافِ مَا ذَكَرَ
السَّائِلُ مِنْ فَوَائِدِ الْعِشْقِ وَمَنَافِعِهِ، بَلْ لاَ حُبَّ عَلَى
الْحَقِيقَةِ أَنْفَعَ مِنْهُ، وَكُلُّ حُبٍّ سِوَى ذَلِكَ بَاطِلٌ إِنْ لَمْ
يُعِنْ عَلَيْهِ وَيَسُقِ الْمُحِبَّ إِلَيْهِ.
****
الشرح
لاشكَّ أنَّ مَحَبَّة الله
سبحانه وتعالى هي أَصلُ العبَادَة، فالذين لا يُحبُّون اللهَ لا يَعبدُونه، لكنَّ
النَّاس متَفاوتُون في مَحَبَّة اللهِ.
فأَهلُ الشَّركِ يُحبُّون
اللهَ لكنْ يُحبُّون معَه غيرَه، فَأشرَكُوا في المَحَبَّة حيثُ أحبُّوا اللهَ
وأحبُّوا معَه أَصنَامَهم ومَعبودَاتِهم؛ فلمْ يُخلصُوا المَحَبَّة للهِ عز وجل .
وأَهلُ الإيمَانِ أخلَصوا
حبَّهم للهِ عز وجل ، ولا يُحبُّونَ الشِّركَ وأَهلَه، وهَذا هُو الوَلاءُ
والبَراءُ؛ فأَهلُ الإيمَان يُحبُّون اللهَ، ويُحبُّون مَا يُحبُّه اللهُ عز وجل ،
ويُحبُّونَرسُولَه صلى الله عليه وسلم ، ويُحبُّون عبَادَ اللهِ الصَّالحِين
وإِخوَانَهم المُؤمنينَ، وهي مَحَبَّة تَابعَة لمَحَبَّة اللهِ عز وجل . وهذا هُو
الحُبُّ في اللهِ والبُغضُ في اللهِ، وهو أَوثَقُ عُرى الإيمَان - كمَا في الأَثر
- ([1]).
وعَلامَة مَحَبَّة اللهِ اتَّباع رَسُولِه صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى: {قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣١قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٢} [آل عمران: 31، 32] . فالذي يدَّعي أنَّه يُحبُّ اللهَ يَنظرُ في اتِّباعِه للرسُولِ وطَاعتِه للرسُول، فإنْ كَان مُطيعًا ومتَّابعًا للرسُول فهو صَادقٌ في مَحبَّته، وإنْ كانَ مُخالفًا للرسُول فهو كَاذبٌ في مَحبَّته، فإمَّا أنَّه ليسَ عندَه مَحَبَّة أَصلاً، وإمَّا أنَّ مَحبَّته نَاقصَة بَحسَب مَعصيَته ومخَالفَته، فهذا أَمرٌ مُهمٌ جدًّا.
([1])أخرجه: الطيالسي رقم (783)، وابن أبي شيبة رقم (30420)، والطبراني في الكبير رقم (10357).