والآن يُوجدُ مَن يُطنْطنُون
بمَحَبَّة الرسُول صلى الله عليه وسلم ، وخُصوصًا أيَّام مَولِده، لكنْ نرَاهم لا
يَتَّبعُون الرَّسُول صلى الله عليه وسلم ، فدَلَّ على أنَّهم كَاذبُون في
ادِّعاءِ مَحبَّته، فلو كَانُوا يُحبُّونه مَا ابتَدعُوا في دِينِ اللهِ، ومَا
يَفعلُونَه مِن هذه الاحْتفَالات والمَوالِد هو بِدعَة، والرَّسُول صلى الله عليه
وسلم نَهى عن البِدَع وقَال: «إِيَّاكُم
ومَحدَثَاتُ الأمُورِ، فَإنَّ كلَّ مُحدَثَة بِدعَة، وكلَّ بِدعَة ضَلالَة».
وفي بعض ألفَاظ الحَديث: «وكلَّ ضَلالَة
في النَّارِ» ([1]). وقَال: «مَن أَحدَثَ في أَمْرنَا هذا مَا لَيسَ
مِنْه فَهُو رَد» ([2])، وفي
روَاية: «مَن عَمِل عَمَلاً ليْسَ عَليْه
أَمرُنَا فَهُو رَد» ([3]).
فهُم يَزعمُون أنَّهم
يُحبُّون الرَّسُول ويُحبُّون الليْل ويَرقُصُون، وكلُّ شَيءٍ يَعمَلونَه
يَدَّعونَ أنَّه مَحَبَّة للرسُول صلى الله عليه وسلم ، وهذا كَذِب، فمَحَبَّة
الرسُول ليسَت بالرَّقصِ والتَّصفِيق والأغَانِي وضَرْبِ الطُّبُولِ كمَا
يَفعلُون، وإنَّما مَحَبَّة الرسُول تَكونُ باتِّباعِه وطَاعتِه؛ فمَحَبَّة
الرسُول ليسَت مُجرَّد دَعوَى، بلْ لابدَّ مِن عَلامَة ودَليلٍ عليهَا.
كذلك مِن عَلامَات مَحَبَّة
اللهِ مَحَبَّة القُرآن؛ لأنَّ القُرآنَ كلامُ اللهِ عز وجل وصِفَة مِن صفَاتِه،
فمَن ادَّعى مَحَبَّة اللهِ ويَنفر مِن سَمَاع القُرآن، ويُحبُّ الغنَاء والطَّربَ
والمَزامِير؛ فهو كَاذِب في ادِّعَائه، ولهذا يَقولُ ابنُ القَيم رحمه الله ([4]) :
حبُّ الكتَاب
وحبُّ أَلحَان الغنا |
|
في قَلبٍ عبْد
ليس يَجتمعَان |
([1])أخرجه: النسائي رقم (1578)، والطبراني في الكبير رقم (8521).