×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وقدِ استَمعَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم لقِراءة ابنِ مَسعودٍ رضي الله عنه ، حتَّى إذَا بَلغَ قولَه: {فَكَيۡفَ إِذَا جِئۡنَا مِن كُلِّ أُمَّةِۢ بِشَهِيدٖ وَجِئۡنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰٓؤُلَآءِ شَهِيدٗا} [النِّسَاء: 41] ، قَال: «حَسْبُكَ الآنَ»، وبَكى صلى الله عليه وسلم .

وكان يقُول صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَحبَّ أَنْ يَقرَأَ القُرآنَ غَضًّا كمَا أُنزِلَ، فَليَقْرَأْه عَلى قَراءَة ابْنِ أُمَّ عَبْد» ([1])، يَعني: ابْن مَسعُود، فهو رضي الله عنه مِن المَشهُورِين بِتِلاوَة القُرآنِ وحِفظِه، والإكثَارِ مِن تَلاوتِه.

وقَد كانَ الصَّحابَة رضي الله عنهم يَطلبُون في مَجالِسِهم مِن أبي مُوسَى الأَشعَري رضي الله عنه أنْ يَقرَأ القُرآنَ، وذلك لِجمَال صَوتِه وجَودَة قِراءتِه، فهذا دَليلٌ على أنَّ الاسْتِمَاع لحَسَنِ الصَّوتِ بالقُرآنِ أمرٌ مَطلُوب؛ لأنَّه يُؤثِّر في القَلبِ أَكثر مِن غيْرِه.

وقولُه:

تَقرأُ عليك الخَتْمَة

 

وأَنتَ جَامِدٌ كالحَجَر

وبَيتٌ مِن الشِّعْر يُنشَد

 

تَميلُ كالنَّشوَان

فمِن النَّاس مَن لو قُرِئ عليْه القُرآن كلُّه ما تَأثَّر، ولو قُرِئ عليْه بَيتٌ مِن الشِّعْر في غَرامٍ وغَزلٍ تَأثَّر وتمَايلَ كالنَّشوَان، فهذا دَليلٌ على أنَّه لا يُحبُّ القُرآنَ، وإنَّما يُحبُّ الغِنَاء والشِّعر.

***


الشرح

([1])أخرجه: ابن ماجه رقم (138)، وأحمد رقم (35)، وأبي يعلى رقم (16)، وابن حبان رقم (7066).