وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ
الْمَاجِشُونِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، فَكَذِبٌ عَلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ،
فَإِنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْ بِهَذَا، وَلاَ حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ الزُّبَيْرُ بْنُ
بَكَّارٍ، وَإِنَّمَا هَذَا مِنْ تَرْكِيبِ بَعْضِ الْوَضَّاعِينَ.
وَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ!
كَيْفَ يَحْتَمِلُ هَذَا الإِْسْنَادُ مِثْلَ هَذَا الْمَتْنِ؟ فَقَبَّحَ اللَّهُ
الْوَضَّاعِينَ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ أَبُو
الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ سَهْلٍ:
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عِيسَى، عَنْ وَلَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ،
عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ مَرْفُوعًا ([1]).
وَهَذَا غَلَطٌ قَبِيحٌ، فَإِنَّ
مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ هَذَا هُوَ الْخَرَائِطِيُّ، وَوَفَاتُهُ سَنَةَ سَبْعٍ
وَعِشْرِينَ وَثَلاَثِمِائَةٍ، فَمُحَالٌ أَنْ يُدْرِكَ شَيْخَهُ يَعْقُوبَ ابْنَ
أَبِي نَجِيحٍ، لاَ سِيَّمَا وَقَدْ رَوَاهُ فِي كِتَابِ الاِعْتِدَالِ،
عَنْيَعْقُوبَ هَذَا عَنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَبْدِ
الْعَزِيزِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ.
وَالْخَرَائِطِيُّ هَذَا
مَشْهُورٌ بِالضَّعْفِ فِي الرِّوَايَةِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ فِي كِتَابِ
الضُّعَفَاءِ.
وَكَلاَمُ حُفَّاظِ الإِْسْلاَمِ فِي إِنْكَارِ هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ الْمِيزَانُ، وَإِلَيْهِمْ يُرْجَعُ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَمَا صَحَّحَهُ وَلاَ حَسَّنَهُ أَحَدٌ يُعَوَّلُ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ، وَيُرْجَعُ فِي التَّصْحِيحِ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْ عَادَتُهُ التَّسَامُحُ وَالتَّسَاهُلُ، فَإِنَّهُ لَمْ يُطنفِّ نَفْسَهُ لَهُ. وَيَكْفِي أَنَّ ابْنَ طَاهِرٍ - الَّذِي يَتَسَاهَلُ فِي أَحَادِيثِ التَّصَوُّفِ، وَيَرْوِي مِنْهَا الْغَثَّ وَالسَّمِينَ والمنخنقة والموقوذة - قَدْ أَنْكَرَهُ، وَحكم بِبُطْلاَنِهِ.
([1])ينظر: العلل المتناهية (2/285، 286)، وذم الهوى (ص: 326).