×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

فلما تعبوا للقتال، ورأى جند الله قد نزلت من السماء، فر، ونكص على عقبيه، فقالوا: إلى أين يا سراقة، ألم تكن قلت: إنك جار لنا؟ فقال: ﴿إِنِّيٓ أَرَىٰ مَا لَا تَرَوۡنَ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَۚ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ [الأنفال: 48] ([1]).

وصدق في قوله: ﴿إِنِّيٓ أَرَىٰ مَا لَا تَرَوۡنَ، وكذب في قوله: ﴿إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَۚ وقيل: خاف أن يهلك معهم. وهو أظهر.

ولما رأى المنافقون ومن في قلبه مرض قلة حزب الله، وكثرة اعدائه ظنوا أن الغلبة بالكثرة،

*****

 لأن الشيطان لا يقابل الملائكة أبدًا؛ لذلك لما رأى الملائكة، هرب وفر، وألقى بنفسه في البحر، وأخذ المشركون ينادون عليه: يا سراقة، يا سراقة! قال: ﴿إِنِّيٓ أَرَىٰ مَا لَا تَرَوۡنَ؛ أي: أنه يرى الملائكة وهم لا يرون الملائكة.

ثم قال: ﴿إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَۚ، وهذا كذب.

وفي تفسير: إني أخاف القتل في المعركة، أخاف من الملائكة، والله شديد العقاب.

فقوله: ﴿إِنِّيٓ أَرَىٰ مَا لَا تَرَوۡنَهذا صحيح، وأما قوله: ﴿إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَۚ هذا كذب.

المنافقون دائمًا عند الشدائد يظهر نفاقهم، ويصرحون بما في


الشرح

([1]) أخرجه: البيهقي في دلائل النبوة (3/79) وانظر: سيرة ابن إسحاق (ص 305)، وابن هشام (1/663)، وتاريخ الإسلام (2/94)، والبداية والنهاية (5/63).