وبلغ
الصريخ مكة، فخرجوا؛ كما قال تعالى: ﴿بَطَرٗا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ﴾
[الأنفال: 47]، فجمعهم الله على غير ميعادٍ؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡمِيعَٰدِ﴾
[الأنفال: 42].
*****
على راحلة واحدة؛ من
قلة الظَّهر ([1])، وليس معهم إلا
فَرسان فقط ([2]).
لما علم أبو سفيان
بن حرب - وكان قائد العير، علم بتعرض المسلمين له، أرسل إلى أهل مكة يستنفرهم،
فنفروا من فورهم في قوتهم وكبريائهم، خرجوا يريدون حماية عيرهم من المسلمين.
ثم إن أبا سفيان كان
رجلاً داهية، عدل عن الطريق الذي يمر على بدر إلى طريق الساحل، فنجا بالعير.
ولكن المشركون
خرجوا، والمسلمون خرجوا، وتَوافَوْا عند بدر، هذا شيء أراده الله سبحانه وتعالى،
قال تعالى: ﴿إِذۡ
أَنتُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلۡقُصۡوَىٰ وَٱلرَّكۡبُ
أَسۡفَلَ مِنكُمۡۚ وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي ٱلۡمِيعَٰدِ وَلَٰكِن
لِّيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗا لِّيَهۡلِكَ مَنۡ هَلَكَ عَنۢ بَيِّنَةٖ وَيَحۡيَىٰ مَنۡ حَيَّ عَنۢ بَيِّنَةٖۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأنفال: 42] فقوله: ﴿وَٱلرَّكۡبُ أَسۡفَلَ مِنكُمۡۚ﴾؛ أي: العير الذي
فيه أبو سفيان بما معه من التجارة، ذهب عن طريق الساحل، وترك هذا الطريق.
أرسل أبو سفيان إلى أهل مكة مرة ثانية: أن ارجعوا؛ إن الله قد نجَّى عيركم وأموالكم ورجالكم، فارجعوا. إلا أن أبا جهل تزعم
([1]) أخرجه: النسائي رقم (8756)، وأحمد رقم (3901)، وأبو يعلى رقم (5359)، والحاكم في المستدرك رقم (4299)، وابن حبان رقم (4733).