فأمر صلى الله
عليه وسلم بجوابه عند افتخاره بآلهته وشركه؛ تعظيمًا للتوحيد، وإعلامًا بعزة إله
المسلمين. ولم يأمرهم بإجابته، أو نهاهم حين قال: «أَفِيكُمْ مُحَمَّدٌ؟...إلى
آخره»؛ لأن كَلْمَهُم لم يبرد بَعْد في طلب القوم، ونار غيظهم متوقدة. فلما قال:
كُفِيتُمُوهُمْ، حمى عمر، وقال: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ.
ففيه
من الشجاعة، والتعرف إلى العدو في تلك الحال ما يُؤذِن بالبسالة، وأنه وقومه
جديرون بعدم الخوف. فكان في جوابه من الغيظ للعدو، والفت في عضده ما ليس في جوابه
حين سأل عنهم،
*****
قوله: «مُثلَةً»؛
أي: تقطيع لبعض القتلى من المسلمين؛ كحمزة رضي الله عنه، فإنهم قطعوا أطرافه، هذه
مثلة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه إذا غزوا: «اغْزُوا بِاسْمِ
اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلاَ
تَغُلُّوا، وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تَمْثُلُوا...» ([1]). الحديث.
فقوله: «وَلاَ
تَمْثُلُوا»، وإن كان القتلى من المشركين، لا يجوز للمسلمين أن يمثلوا بجثثهم.
قوله: «كُفِيتُمُوهُمْ»،
لما لم يجيبوا عليه، قال أبو سفيان: «كُفِيتُمُوهُمْ»؛ أي: أن الرسول صلى
الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما مقتولون، فحينئذ عمر رضي الله عنه لم
يملك نفسه، وكذبه.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه أظهر القوة في هذا الموضع، وفي هذا المقام أظهر القوة والشجاعة، التي أخزت المشركين.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1731).