ومنها: أن الشهيد
لا يُغسل، ولا يُصلى عليه،
*****
فبذلك تحقق قول
الرسول صلى الله عليه وسلم: «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ»؛ لأنه قتل نفسه،
الواجب عليه أن يصبر حتى الموت، ويكون شهيدًا.
فدل هذا على أن من
قتل نفسه، فهو في النار -والعياذ بالله-؛ كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة، فلا
يجوز قتل النفس بحال من الأحوال، مهما أصابه المرض، مهما أصابه الجراح، يصبر،
وكذلك مهما أصابه من الحزن والهم، لا يقتل نفسه، بل يصبر.
هذه من المسائل
الفقهية، وهي أن الشهيد في سبيل الله؛ أي: الشهيد في المعركة؛ لأن الشهيد على
قسمين:
القسم الأول: شهيد في المعركة.
القسم الثاني: شهيد في غير
المعركة؛ مثل: المصاب بالطاعون، والحامل إذا ماتت أثناء ولادتها، والميت بالغرق،
والميت بالهدم، والميت بالحريق ([1])، فهؤلاء شهداء،
لكنهم شهداء في الآخرة، وأما في الدنيا، فإنهم يعاملون معاملة الجنائز؛ يغسلون،
ويكفنون، ويصلى عليهم.
وأما شهيد المعركة الذي مات في المعركة، فإنه لا يغسل؛ من أجل أن يبقى دم الشهادة عليه وسامًا عند الله عز وجل، ولا يكفن في أثواب غير ثيابه التي قُتِلَ فيها؛ ليلقى الله فيها على صفته يوم قتل بثيابه، وكذلك لا يصلى عليه؛ لأنه حي عند الله عز وجل، قال تعالى: ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ﴾ [آل عمران: 169]،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3111)، وأحمد في مسنده رقم (23753)، ومالك في الموطأ (6695).