ومنها: أنه لو
بسط لهم النصر دائمًا، لكانوا كما يكونون لو بسط لهم الرزق، فهو المدَبِّر لهم،
كما يليق بحكمته؛ إنه بهم خبير بصير.
ومنها: أنهم إذا
انكسروا له استوجبوا النصر، فإن خُلْعَةَ النصر مع ولاية الذل؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ﴾ [آل عمران: 123].
*****
قال تعالى: ﴿وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡاْ فِي
ٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٖ مَّا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ
خَبِيرُۢ بَصِيرٞ﴾ [الشورى: 27]، فالله جل وعلا يداول بين الرزق وبين الفقر
تارة وتارة؛ من أجل أن يتميز المؤمن الصادق الصابر من المنافق وضعيف الإيمان، الذي
إذا أصابته سراء، بطر، وإن أصابت ضراء، كفر -والعياذ بالله-.
كذلك لو أن الله عز
وجل بَسَط لهم النصر دائمًا، لطغوا، وبغوا في الأرض، لكن الله -سبحانه- يبتليهم،
ويمتحنهم.
إذا انكسروا وذلوا
له سبحانه وتعالى، استوجبوا النصر؛ فالله يبتليهم بالشدائد والمحن من أجل أن
يَلْجؤوا إليه -سبحانه-، ويعرفوا ضعفهم، ثم يمنحهم الفرج والنصر.
قوله: «فإن خلعة النصر مع ولاية الذل»، الذي يأتي مع النصر، فإذا صبر العبد، ولجأ إلى الله، ودعا الله عز وجل، وتضرع إليه، جاءه النصر، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدۡرٖ وَأَنتُمۡ أَذِلَّةٞۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ﴾ [آل عمران: 123].