فقيَّضه لهم كما
وفقهم للأعمال الصالحة.
ومنها: أن
العافية الدائمة، والنصر والغِنى يُورث ركونًا إلى العاجلة، ويُثبِّط النفوس،
ويُعوِّقها عن السَّير إلى الله،
*****
الجنة إنما تنال
بأمرين:
الأمر الأول: الأعمال الصالحة
بعد رحمة الله عز وجل.
الأمر الثاني: الابتلاء
والامتحان، الذي يرفع الله به درجات المؤمنين.
كما سبق أن هذه
الفائدة كالفائدة السابقة، وهي أن دوام النِّعمة، دوام النصر للمسلمين يكسبهم
الكسل والراحة والتلذذ بالدنيا والتمتع بالدنيا، فالله عز وجل يبتليهم من أجل أن
يخلصهم من هذه الآفة. قال تعالى: ﴿وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡاْ فِي
ٱلۡأَرۡضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٖ مَّا يَشَآءُۚ إِنَّهُۥ بِعِبَادِهِۦ
خَبِيرُۢ بَصِيرٞ﴾ [الشورى: 27].
لو دامت العافية،
ودام الرزق، ودام النصر للمسلمين، لحصل من غالب المسلمين شيء من البَغْي والعدوان
والكبر، والله سبحانه وتعالى يُريد أن يُؤدِّب عباده، ويُهذِّبهم.
وأما الانشغال
بالدنيا؛ فإذا فُتحت الدنيا على الناس، انشغلوا بها عن الآخرة، وصار الإنسان يشتغل
بتجارته، بأمواله، بصناعته، والآخرة لا يتذكرها إلا نادرًا، أو ينساها نهائيًا،
وهذا الذي حصل.
لما فتحت الدنيا على المسلمين اليوم، أو على طوائف من المسلمين اليوم، ضَعُفت حالتهم الدينية، حتى المساجد لا يتجهون إليها، إلا نادرًا، وعلى عَجَل، فالدنيا تُشغِل عن الآخرة.