وهو -سبحانه- يحب
أن يتخذ من أوليائه شهداء.
ومنها: أنه
-سبحانه- إذا أراد هلاك أعدائه، قَيَّض أسبابًا يَسْتوجبون بها الهلاك، ومن أعظمها
بعد كفرهم بَغْيهم ومبالغتهم في أذى أوليائه، فَيُمحص به أولياءه من ذنوبهم،
ويكونون من أسباب مَحْق أعداء الله.
*****
هذا من الحكم؛ أنه يستشهد منكم من يستشهد في
سبيل الله، فينال هذه الكرامة عند الله سبحانه وتعالى.
قال تعالى: ﴿وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن
نُّهۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيۡهَا
ٱلۡقَوۡلُ فَدَمَّرۡنَٰهَا تَدۡمِيرٗا﴾ [الإسراء: 16]، الأمر هنا ليس أمرًا شرعيًّا، وإنما هو أمر قدري كوني؛ لأن
الأمر نوعان: أمر كوني، وأمر شرعي.
فقوله تعالى: ﴿أَمَرۡنَا﴾؛ أي: أمرًا كونيًّا
قدريًّا.
الكفار لما طغوا في
هذه المعركة، وأعجبتهم أنفسهم سبب ذلك لهم الهلاك وإدالة المسلمين عليهم. والله عز
وجل قد يعطى الكافر وينصره مؤقتًا؛ من أجل الاستدراك، من أجل أن يزيد في شره
وطغيانه، ويعجب بنفسه؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ
لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ﴾ [آل عمران: 178].
وأما المؤمن، فعلى
العكس، فإن الله يبتليه؛ ليرفعه، وليُكرمه، وأما الكافر، فإن الله -سبحانه- يُنْعم
عليه؛ لِيُهينهُ: ﴿وَلَهُمۡ
عَذَابٞ مُّهِينٞ﴾.
قال تعالى: ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ﴾ [الأنفال: 53]، فإذا غَيَّر الناس غَيَّر الله عز وجل عليهم.