×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

ثم أخبر أنه يداول أيام هذه الحياة؛ لأنها عرض حاضر، يقسمها بين أوليائه وأعدائه، بخلاف الآخرة.

*****

وهم مَسَّهم ما يسرهم في سبيل الشيطان غرورًا، واستدراجًا لهم، وإنما هو في الحقيقة إذلال وخذلان، وليس نصرًا، وما أصاب المسلمين ليس إذلالاً، وإنما هو عِزٌّ ورفعة لهم عند الله عز وجل.

قال تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُواْ فِي ٱبۡتِغَآءِ ٱلۡقَوۡمِۖ إِن تَكُونُواْ تَأۡلَمُونَ فَإِنَّهُمۡ يَأۡلَمُونَ كَمَا تَأۡلَمُونَۖ وَتَرۡجُونَ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا يَرۡجُونَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء: 104]، وهم لا يرجون شيئًا، يرجون العذاب -والعياذ بالله-، وأما أنتم، فترجون الرحمة والجنة.

قال سبحانه وتعالى: ﴿وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ [آل عمران: 140]، يداول هذه الحياة الدنيا؛ لأنها لا تدوم، فهي عرض حاضر؛ فلا يدوم فيها خير أو شر، لا يدوم شيء.

فقوله: ﴿بَيۡنَ ٱلنَّاسِ؛ المؤمنين والكفار، فالمؤمنون لا يكونون في نصر دائم، وفي نعمة دائمة، وكذلك الكفار لا يكونون في علو دائم، بل إن الله عز وجل يداول بين هذا وهذا بين عباده؛ ابتلاء وامتحان، من أجل أن يطغي الكافر، ومن أجل يتوب المؤمن، ويذل لربه سبحانه وتعالى.

الدنيا فيها خلط بين الفرح والحزن، وبين النِّقمة والنِّعمة، وبين الشدة والفرج، وأما الآخرة، فلا؛ فالآخرة إما عذاب دائم للكفار، وإما نعيم دائم للمؤمنين، ليس للكفار في الآخرة فرحٌ أبدًا، ولا يرجون خلاصًا مِما هُم فيه، وأما المؤمنون، فهم في سرور دائم، لا يخافون مثلما يخافون في الدنيا؛ فهم في نعيم وسرور،


الشرح