ثم ذكر حكمة
أخرى، وهي اتخاذه منهم شهداء.
وقوله: ﴿وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [آل
عمران: 140] تنبيه لطيف على أن الذين انخذلوا عن نبيه يوم أحد، لم يتخذ منهم
شهداء؛ لأنه لا يحبهم.
*****
وأيضًا الله عز وجل
لا يعذب على أنه يعلم أن هذا يكفر، لا يعذبه حتى يكفر بالفعل، فالله لا يعذب على
القَدَر، أو على العلم، حتى يحصل من العبد شيء يوجب له ذلك. وأيضا لا يكرم على
العلم أن هذا يصير مؤمنًا، لا يكرم -سبحانه- على هذا، وإنما يكرم على فعل العبد،
فإذا ظهر هذا، حصل المقصود.
فالناس لا يعلمون
الغيب، ولا يدرون من هو المؤمن الصادق من المنافق، كلهم سواء في الظاهر، وأما
اختلافهم، فهذا أمر غيبي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، وهذا لا يظهره إلا
الشدائد والابتلاء والامتحان، والله عز وجل لا يعذب على أنه يعلم أن فلانًا كافر،
بل إنه لا يعذبه إلا إذا كفر بالفعل، وظهر كفره، فيعذبه على فعله، لا على علم الله
-سبحانه- أنه يكفر.
اتخذ سبحانه وتعالى
من الصحابة سبعين شهيدًا، فالله يتخذ من المؤمنين شهداء؛ لأن الله يحب الشهداء،
فما يحصل على المؤمنين من فوائده أنه يستشهد منهم من يستشهد في سبيل الله.
قال تعالى: ﴿وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [آل عمران: 140]؛ إشارة إلى الذين انخذلوا أن الله عز وجل لم يتخذ منهم شهداء، بل حرمهم من هذه المرتبة العظيمة، وإن كانوا مؤمنين.