×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

ثم ذكر حكمة أخرى، وهي تمحيص المؤمنين من الذنوب، وأيضًا من المنافقين.

*****

وفي قوله: ﴿وَيَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَآءَۗ دل هذا على أنه لا يتخذ من الذين انخذلوا.

والمنافقون خرجوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى غزوة أحد، ولكن في الطريق -والعياذ بالله- انخذل رئيسهم عبد الله بن أُبي بن سَلول، وتبعه سبعمائة من المنافقين، ورجعوا، وهذا لحكمة الله؛ أن الله وحَرَمهم من القتال ومن الشهادة، حَرَمهم من ذلك، نفاقهم حجزهم عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، نفاقهم هو الذي أرجعهم، وحرمهم مما منحه الله للمؤمنين من الشهادة ومن المغفرة ومن التوبة؛ لأنه لا يحبهم، والله عز وجل لا يتخذ شهداء إلا ممن يحبهم.

وأيضًا فيها ذكر الله جل وعلا أنه يحب الأعمال الصالحة، ويحب الصالحين، ويَبْغضُ الأعمال السَّيئة، ويبغض العصاة والمذنبين والمنافقين والكفار.

تمحيصهم من المنافقين؛ لأن المنافقين يؤذون المؤمنين، ولكن إذا جاءت الشدائد، انكشفوا، وظهر مَكْرهم وكيدهم، فعرفهم المسلمون وحذروا منهم.

قال تعالى: ﴿وَلِيُمَحِّصَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ [آل عمران: 141].

ما جرى على المسلمين هو تمحيص لهم من ذنوبهم، وهكذا المسلم لا يصيبه شيء، إلا كَفَّر الله به من خطاياه، ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ [الشورى: 30]، فالله عز وجل يجريه على المؤمنين؛ ليكفر عنهم به من سيئاتهم.


الشرح