والشاكرون هم
الذين عرفوا قدر النعمة، فثبتوا عليها حين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل
لهم العاقبة،
*****
ولذلك خارت قواهم
لما قيل بأن الرسول قد مات، وحصل عندهم تشكك في كونه مات أم لم يمت، إلى أن جاء
أبو بكر رضي الله عنه، وحسم الأمر، وتلا هذه الآية، ثم قال عمر رضي الله عنه: «فَلَكَأَنِّي
لَمْ أَقْرَأْهَا إِلاَّ يَوْمَئِذٍ» ([1])، فعمر رضي الله عنه
كأنه نسي هذه الآية، إلى أن تلاها أبو بكر رضي الله عنه، وذكَّره بها، نسيها من
شدة الهَوْل، ثم رجع عن مقالته التي ذكرها.
انظر إلى شدة
الرجال، وثبات أبي بكر رضي الله عنه ! عمر رضي الله عنه أقوى الرجال، ومع هذا حصل
عنده ما حصل من الخور ومن الضعف، ولكن هذا الرجل أبا بكر الصديق رضي الله عنه ثبت
ثبات الجبال، فهذا من مواقفه العظيمة.
لما ثبتوا عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، صارت العاقبة لهم، وانتصروا على العالم، وليس على العرب فقط، انتصروا على العالم، وفتحوا الدنيا، وأسقطوا الدول الكبيرة، كسرى وقيصر أسقطوهم، لما ثبتوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وحملوا الرايات والسيوف، وجاهدوا في سبيل الله، نصرهم الله، ولم يؤثر موت الرسول صلى الله عليه وسلم، فكأنه حي؛ لأنه ما دام القرآن موجود والسنة موجودة، فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم حي بين أظهرنا، نعمل بالكتاب والسنة، ويحصل لنا المقصود عاجلاً وآجلاً، فما مات الرسول صلى الله عليه وسلم طالما بقيت سنته، وبقي القرآن الذي جاء به.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1241).