ثم أخبر -سبحانه-
بِصدْق وعده في النصر، وأنهم لو استمروا على الطاعة، لاستمر النصر، ولكن انخلعوا
عن عصمة الطاعة، ففارقتهم النصرة، فصرفهم ابتلاءً وتعريفًا لهم بعاقبة المعصية، ثم
أخبر -سبحانه- بعفوه عنهم بعد ذلك.
*****
قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ
ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ إِذۡ تَحُسُّونَهُم بِإِذۡنِهِۦۖ حَتَّىٰٓ إِذَا فَشِلۡتُمۡ
وَتَنَٰزَعۡتُمۡ فِي ٱلۡأَمۡرِ وَعَصَيۡتُم مِّنۢ بَعۡدِ مَآ أَرَىٰكُم مَّا
تُحِبُّونَۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلدُّنۡيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلۡأٓخِرَةَۚ
ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ لِيَبۡتَلِيَكُمۡۖ وَلَقَدۡ عَفَا عَنكُمۡۗ وَٱللَّهُ
ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [آل عمران: 152].
هذا في غزوة أحد، في
أول الواقعة لما كانوا ممتثلين لتخطيط الرسول صلى الله عليه وسلم وسائرين عليه،
انتصروا، وقتلوا الكفار، انهزم الكفار، وولوا مدبرين.
لكن لما أن بعض
الجند قد عصوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتخلوا عن أماكنهم، رجع عليهم
الكفار؛ عقوبة لهم.
قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ
ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥٓ﴾، هذا في أول المعركة، لما كنتم تمشون على مخطط الرسول صلى الله عليه وسلم.
بسبب تخلي الرماة عن
أماكنهم.
قال تعالى: ﴿ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ﴾.
في الأول أنتم في أعقابهم، في أدبارهم تقتلونهم، وهم شاردون على وجوههم، ثم لما حصل ما حصل ﴿صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ لِيَبۡتَلِيَكُمۡۖ﴾؛ بما حصل عليكم من الدائرة، ثم بشرهم بألا ييأسوا، فقال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ عَفَا عَنكُمۡۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [آل عمران: 152].