وأن حكمة الله
جَرَت بأن الرسل وأتباعهم يُدالون مرة، ويٌدال عليهم أخرى،
*****
حتى الرسول صلى الله
عليه وسلم ناله ما ناله منها؛ حيث شج في وجهه، وكسرت رباعيته، وهشم المغفر على
رأسه صلى الله عليه وسلم، وسقط في حفرة صلى الله عليه وسلم ([1])، فأصابه من هذا
الذنب ما أصابه؛ فإن العقوبة إذا نزلت، فإنها تعم.
فعند لقاء العدو لا
يجوز الاختلاف والنزاع، بل يَصْمِدُون أمام العدو على أي حال كان.
ومن الفوائد: أن النصر لا يستمر
للمسلمين، بل تارة ينتصرون، وتارة يُنتصر عليهم؛ لئلا يحصل عندهم الغرور، لو استمر
النصر لهم، يحصل لهم الغرور.
وأيضًا يدخل في الإسلام من لا يَرْغبه نفاقًا، فما دام أنهم ينتصرون دائمًا، يدخل معهم المنافقون، وإنما ينكشف المنافقون عند المصائب، أما عند النِّعم، فإن المنافقين يدخلون مع المسلمين، ويتسترون، ولا يُدرى عنهم، لكن إذا جاءت المصيبة، انكشفوا، وظهرت حقيقتهم، وتكلموا -والعياذ بالله-؛ كما ذكر الله عز وجل عنهم في هذه الغزوة، قال تعالى: ﴿وَتِلۡكَ ٱلۡأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيۡنَ ٱلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمۡ شُهَدَآءَۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [آل عمران: 140]، لا تستمر النعم والنصر للمسلمين، بل يُدال عليهم أحيانًا، يُمحِّصهم الله، ويُطهرهم، ولئلا يغْترُّوا بأنفسهم، ولينكشف أهل النفاق من أهل الإيمان، فالله عز وجل يُجري المِحن مِن أجل أن يُمحص المؤمنين، ولأجل أن يَمحق
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2911)، ومسلم رقم (1709).