×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

ثم حصل عليهم في أحد الهزيمة بسبب من عندهم -كما يأتي-، وإلا لو تجنبوا هذا السبب، لحصل لهم النصر -أيضًا-، فلابد أن ما يصيب المؤمنين إنما بسبب من عندهم؛ من أجل أن يتنبهوا، ويستدركوا، فهو سبحانه وتعالى أصاب المسلمين بما أصابهم هذه الغزوة، فغمهم ذلك غمًّا شديدًا بانتصار الكفار، وبما استشهد من خيار المؤمنين، غمهم هذا.

ثم إنه -سبحانه- أردف هذا الغم بغم آخر، قال تعالى: ﴿إِذۡ تُصۡعِدُونَ وَلَا تَلۡوُۥنَ عَلَىٰٓ أَحَدٖ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ فِيٓ أُخۡرَىٰكُمۡ فَأَثَٰبَكُمۡ غَمَّۢا بِغَمّٖ لِّكَيۡلَا تَحۡزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمۡ وَلَا مَآ أَصَٰبَكُمۡۗ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ [آل عمران: 153].

فهذا غم مع غم، وهو أن الشيطان صرخ، وقال: «قُتل محمد»، فهذا أشد على المسلمين مما أصابهم في الأول، لما بلغهم أو سمعوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قتل، هذا أشد عليهم.

ومن العلماء من قال بأن قوله تعالى: ﴿فَأَثَٰبَكُمۡ غَمَّۢا بِغَمّٖ؛ أي أنكم غممتم الكفار في غزوة بدر، فأصابكم الغم في غزوة أُحُد، فهذا الغم مقابل هذا.

ولكن الإمام ابن القيم رحمه الله قال: إن الصحيح هو الأول، وهو أن قوله: ﴿فَأَثَٰبَكُمۡ غَمَّۢا بِغَمّٖ؛ أي: توالى عليكم الغم؛ من الهزيمة، إلى شائعة قتل الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا أشد، وفيه ابتلاء وامتحان.

ثم إنه بعد ذلك طمأنهم سبحانه وتعالى، فلم يكترثوا لما أصابهم؛ أنزل عليهم الأمنة، وأذهب عنهم الخوف، وهذه الأمنة هي النعاس الذي ألقاه


الشرح