×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

ومن جوز عليه -سبحانه- أنه يُعذِّب المحسن، ويُسوي بينه وبين عدوه، فقد ظن به ذلك، ومن ظن أنه يترك خلقه سدىً من الأمر والنهي، فقد ظن به ظن السوء.

*****

المؤمن يرجو رحمة الله عز وجل، ويخاف؛ فيجمع بين الخوف والرجاء، يخاف الله خوفًا ليس معه قنوط، ويرجو الله رجاءً ليس معه أمن من مكر الله عز وجل، بل يكون خائفًا راجيًا؛ متعادلاً في هذا، بخلاف الخوارج، الذين أخذوا الجانب الأول وهو القنوط، وبخلاف المرجئة، وهم أخذوا جانب الرحمة، وتركوا العمل، وقالوا: إن الله غفور رحيم للإنسان مهما عمل، وكما يقول قائلهم ([1]):

تزود ما استطعت من الخطايا *** إذا كان القدوم على كريم

هذا غرور -والعياذ بالله-.

من ظن أنه سبحانه وتعالى يُعذِّب المحسن، ويُنعِّم الكافر، فقد ظن بالله ظن السوء، ونفى عن الله الحكمة في أفعاله، وهذا ظن السوء؛ إذ إن الله عز وجل لا يسوي بين المحسن والمسيء.

قال سبحانه وتعالى: ﴿أَفَنَجۡعَلُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ كَٱلۡمُجۡرِمِينَ ٣٥ مَا لَكُمۡ كَيۡفَ تَحۡكُمُونَ [القلم: 35- 36]، وقال تعالى: ﴿أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ [ص: 28]. أبدًا لا يستوون عند الله عز وجل.

كذلك من ظن أن الله عز وجل لا يشرع لعباده؛ لا يحلل ولا يحرم، ولا يأمر ولا ينهى، وإنما يتركهم يعملون بظنهم واختيارهم


الشرح

([1])  البيت لأبي نواس الشاعر الذي عاش في العصر العباسي. انظر: وفيات الأعيان (2/97)، والدر الفريد وبيت القصيد (5/339)، وكنز الدرر وجامع الغرر (5/158).