ولذلك فإن الذي لا
إرادة له، ولا فعل له، لا يؤاخذ؛ مثل المكره، ومثل المجنون، ومثل الصغير الذي ليس
له إرادة أو اختيار، إذا فعل شيئًا من المخالفات، فإنه لا يعذب على ذلك، لا يؤاخذه
الله، كذلك الناسي لا يؤاخذ، الجاهل لا يؤاخذ، إنما يؤاخذ من تعمد هذا الشيء،
وأقدم عليه باختياره وإرادته، وعصى الله، فهذا هو الذي يعذبه الله على فعله
وإرادته.
والإرادة على نوعين: إرادة كونية،
وإرادة شرعية.
الإرادة الشرعية: كما جاء في قوله
سبحانه وتعالى: ﴿وَٱللَّهُ
يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡكُمۡ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن
تَمِيلُواْ مَيۡلًا عَظِيمٗا ٢٧ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمۡۚ وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ ضَعِيفٗا﴾ [النساء: 27- 28]، هذه إرادة شرعية.
أما المشيئة، فلا
تكون إلا كونية، ولا تكون شرعية، وإنما التقسيم في الإرادة، والإرادة الشرعية قد
تقع، وقد لا تقع.
فالله عز وجل أراد
من الخلق الإيمان؛ منهم من آمن، ومنهم من كفر، فلا يلزم وقوع الإرادة الشرعية، بل
هي مفوضة إلى اختيارهم وإرادتهم ومشيئتهم.
وأما الإرادة الكونية، فهي لا بد من وقوعها، وهي لا تقع إلا على من يستحقها؛ عدلاً منه سبحانه وتعالى، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ﴾ [الصف: 5]، وقال تعالى: ﴿وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ [البقرة: 258]، وقال تعالى: ﴿وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 264].