ومن ظن أنه لا
إرادة له، ولا كلام يقوم به، وأنه لم يكلم أحدًا، ولا يتكلم أبدًا.
*****
ليس السمع كالسمع،
وليس البصر كالبصرة بينهما فرق، هناك بين صفات الله عز وجل وصفات المخلوقين فرق؛
كما أن ذاته عز وجل لا تشبه الذوات، فكذلك صفاته لا تشبه الصفات، والذي ليس له سمع
ولا بصر لا يصلح أن يكون إلها، قال -تعالى- على لسان إبراهيم عليه السلام: ﴿إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ
يَٰٓأَبَتِ لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا يَسۡمَعُ وَلَا يُبۡصِرُ وَلَا يُغۡنِي عَنكَ
شَيۡٔٗا﴾ [مريم: 42]، هذا من عيوب الصنم؛ أنه لا يسمع، ولا يبصر، إذًا يشبهون الله
سبحانه وتعالى بالصنم !!! هم فروا من تشبيه الله عز وجل بالمعبود الحي، وشبهوه بما
هو أسوأ من ذلك، وهو الصنم، قال سبحانه وتعالى: ﴿لِمَ تَعۡبُدُ مَا لَا يَسۡمَعُ وَلَا يُبۡصِرُ وَلَا يُغۡنِي عَنكَ
شَيۡٔٗا﴾ [مريم: 42].
ثم إن أبا الخليل
إبراهيم لم يرد عليه قائلاً: وأنت تعبد ما لا يسمع، ولا يبصر.
لا، الله عز وجل
يسمع ويبصر، والمخلوق يسمع ويبصر، ولكن بينهما فرق؛ بين الخالق والمخلوق في ذاته
وأسمائه وصفاته، فرق بينه وبين المخلوق. وهذا في الآية؛ فهي حاسمة، قال تعالى: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ
وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]؛ أي: أن السمع له عز وجل لا يشبه سمع
المخلوق، والبصر لا يشبه بصر المخلوق، هذا واضح.
هذا مذهب الجهمية والمعتزلة، وأيضًا الأشاعرة من بعض الوجوه؛ إذ إنهم ينفون الكلام عن الله عز وجل؛ لأنهم يقولون: إن الله يتكلم، والمخلوق يتكلم، فإذا أثبتنا الكلام لله عز وجل، لشبهناه بالمخلوق.