وقد يكون معه شيء
من عند الله، وهو ما تَسْتَرقه الشياطين من السَّمع، لكنه قليل بالنسبة للكذب؟
كلمة يسمعها من السَّماء، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ ([1]).
وقوله:
﴿وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَجۡتَبِي مِن رُّسُلِهِۦ مَن يَشَآءُۖ﴾ [آل
عمران: 179]، استدراك لما نفى من اطلاعهم على الغيب، أي: سِوى الرسل؛ فإنه يطلعهم
على ما يشاء؛ كما في سورة الجن،
*****
التي يطلعهم الله
عليها، هذا من خصائص الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- لمصلحة البشر.
فالله يطلع رُسله
على شيء من الغيب -من المغيبات- معجزة لهم، ومن أجل أن تقوم الدعوة إلى الله عز
وجل على بصيرة.
وأما ما يُخبِر به
السَّحرة والكُهَّان، فهذا ليس من علم الغيب، وإنما هذا مما تعلمه الشياطين؛
فالشياطين يعلمون شيئًا لا تعلمه الإنس.
فالشياطين يأتون إلى
أوليائهم من الكُهَّان، ويخبرونهم بأشياء لا يدركها الإنس، فيظن الناس أن هذا من
الكرامات، وهذا ولي من أولياء الله، وإنما هم من أولياء الشيطان، فما معهم ليس من
عند الله، وإنما هو من الشيطان.
أي: لا يُطلع على
الغيب إلا الرسل.
كما في سورة الجن؛ قوله تعالى: ﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦ إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا﴾ [الجن: 26- 27].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4701).