×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

 

لما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى عمرة الحديبية أو للغزو، فإنهم قالوا: إنهم لن يرجعوا، ولذلك تخلفوا عنهم؛ لاعتقادهم بأنهم لن يرجعوا، وأن الكفار سيستأصلونهم، ثم لما رجع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه سالمين، جاؤوا يعتذرون، قال تعالى: ﴿سَيَقُولُ لَكَ ٱلۡمُخَلَّفُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ شَغَلَتۡنَآ أَمۡوَٰلُنَا وَأَهۡلُونَا فَٱسۡتَغۡفِرۡ لَنَاۚ [الفتح: 11].

رد الله عز وجل عليهم بقوله تعالى: ﴿يَقُولُونَ بِأَلۡسِنَتِهِم مَّا لَيۡسَ فِي قُلُوبِهِمۡۚ [الفتح: 11].

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا؛ أي: لم يكن تخلفكم تخلف معذور ولا عاص، بل تخلف نفاق؛ إذ لم تشغلكم أموالكم وأهلوكم عن الخروج، فالذي شغلكم عن الخروج هو ﴿بَلۡ ظَنَنتُمۡ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِلَىٰٓ أَهۡلِيهِمۡ أَبَدٗا وَزُيِّنَ ذَٰلِكَ فِي قُلُوبِكُمۡ وَظَنَنتُمۡ ظَنَّ ٱلسَّوۡءِ وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا [الفتح: 12].

فقوله: ﴿وَكُنتُمۡ؛ أي: بهذا الظن ﴿قَوۡمَۢا بُورٗا؛ أي: هالكين -والعياذ بالله-.

انظر! كيف رد الله عز وجل عليهم؛ لأنه يعلم ما في قلوبهم، وإن اعتذروا وقالوا ما قالوا.

وقوله: «ظن أنه يسلط على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أعداءه تسليطا مستقرا في حياته ومماته»؛ يسلط على رسوله، لكن ليس مستقرًا، يسلط عليهم مثل ما حصل في وقعة أحد، ولكن ليس مستقرًا، وإنما هذا لعارض عرض، والله جل وعلا عاقبهم لشيء حصل، ثم يتوب الله عليهم، ويعود لهم النصر والعز؛ كما حصل للرسول صلى الله عليه وسلم بعد غزوة أحد.


الشرح