ثم أخبر عن
الكلام الصادر عن ظنهم وهو قولهم: ﴿هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ
مِن شَيۡءٖۗ﴾ [آل عمران: 154].
*****
كل ما سبق مما ذكره الإمام ابن القيم رحمه الله
تفسير لقوله تعالى: ﴿يَظُنُّونَ
بِٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ ظَنَّ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِۖ﴾، والمراد بهم:
المنافقون، وكل ما ذكره فهو من سوء الظن بالله، يظنون بالله ظن السوء؛ ظن
الجاهلية، هذه واحدة.
الثانية: أنه ظن
الجاهلية؛ لأن الجاهلية هم الذين يظنون بالله ظن السوء، يظنون في قلوبهم، ثم
تكلموا بألسنتهم، وصرحوا بأن فسروا المصيبة التي نزلت بالمسلمين، وتناولت ناسًا من
المنافقين، فسروها بأن السبب هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأخذ برأيهم، ولم
يأخذ بمشورتهم ورأيهم، وأنه صلى الله عليه وسلم لو أخذ بمشورتهم ورأيهم، لما
أصابهم هذ الذي أصابهم.
قوله تعالى: ﴿هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ
مِن شَيۡءٖۗ﴾ هذا الذي أصابنا هو لأن الرسول لم يشركنا في الرأي، وليس عندهم أن هذا
بقضاء الله وقدره؛ لأنهم لا يؤمنون بالقضاء والقدر. ولهذا رد الله عليهم بقوله: ﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ
كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ﴾؛ أي: أن الأمر لله؛ فما أصابكم هو بأمر الله، وليس لأن الرسول صلى الله
عليه وسلم لم يأخذ برأيكم، إنما هذا بأمر الله وقضائه وقدره.
وقولهم: ﴿هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ
مِن شَيۡءٖۗ﴾ ليس معناه التسليم للقضاء والقدر، ولكن معناه اللوم، إنما معناه اللوم
للرسول صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى: ﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ﴾.