×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

وقولهم: ﴿لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ [آل عمران: 154].

فليس مقصودهم بهذا إثبات القدر، ولو كان ذلك، لم يُذموا ، ولما حسن الرد عليهم بقوله:﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡأَمۡرَ كُلَّهُۥ لِلَّهِۗ [آل عمران: 154].

*****

ثم بينوا ما كانوا يخفونه، فقال تعالى: ﴿يُخۡفُونَ فِيٓ أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبۡدُونَ لَكَۖ يَقُولُونَ لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ؛ أي: أن سبب القتل الذي أصابهم لم يكن بالقضاء والقدر، وإنما لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأخذ برأيهم.

قال تعالى: ﴿لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ. رد الله سبحانه وتعالى عليهم بقوله: ﴿قُل لَّوۡ كُنتُمۡ فِي بُيُوتِكُمۡ لَبَرَزَ ٱلَّذِينَ كُتِبَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقَتۡلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمۡۖ، فإذا كتب القتل على أحد - وإن كان في أقصى بيته، وبين حرسه وقوته-، فإنه سيخرج إلى المكان الذي سيقتل فيه، يقوده القضاء والقدر إلى المكان الذي كتب الله عز وجل أنه يقتل فيه، فلا ينفعكم رأيكم، ولا ينفعكم قوتكم، لا ينفعكم، ولا يمنع القضاء والقدر.

في قوله تعالى: ﴿هَل لَّنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ مِن شَيۡءٖۗ ليس معناه التسليم للقضاء والقدر، وإنما معناه اللوم للرسول صلى الله عليه وسلم، والكفر بالقضاء والقدر؛ إذ ليس عندهم إيمان بالقضاء والقدر، وإنما هذا راجع إلى أفعال العباد.

لو كان مرادهم أن هذا ليس من أحدٍ غير الله -التسليم للقضاء والقدر-، لما لامهم الله على ذلك، وإنما هذا لأنهم أرجعوا الأمر إليهم، ولم يسندوه إلى القضاء والقدر.


الشرح