حتى جاء صفوان بن
المعطل رضي الله عنه متأخرًا عن الجيش، فرأى السواد في الليل، فجاء ينظر ما هو هذا
في منزل الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما رآها عائشة رضي الله عنها، استرجع: «إنا
لله وإنا إليه رجعون»، فاستيقظت على استرجاعه، فأناخ البعير، ووطئ على يد
البعير، وركبت، وقاد بها البعير، ولحق بالرسول صلى الله عليه وسلم.
عند ذلك تكلم
المنافقون، واتهموها بأنها على موعد مع هذا الرجل، وحصل حادث الإفك، وحصل من الكرب
عليها - رضي الله عنها وعن أبيها- وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنافقين
و الكلام ما حصل.
لكن المؤمنين لم
يؤثر عليهم ذلك، ولم يشكوا في عائشة رضي الله عنها أبدًا، ولم تؤثر عليهم هذه
الشائعة، إلا نفرًا يسيرًا من المسلمين أثر عليهم، فتكلموا، تكلموا بالقذف.
فلما أنزل الله جل
وعلا براءة عائشة رضي الله عنها في سورة النور، أقام النبي صلى الله عليه وسلم
الحد على ثلاثة من المسلمين، وترك المنافقين، ولم يقم عليهم الحد؛ لأنهم ليس لهم
إيمان، الحد إنما يقام على المؤمن، وهؤلاء ليس فيهم إيمان، والحد طهرة، هؤلاء لا
يطهرهم الحد، وهؤلاء في الدرك الأسفل من النار.
وقيل: ترك صلى الله عليه وسلم إقامة الحد عليهم؛ لأن لهم قبائل، ويخشى من أن يحصل ضرر أكثر من قبائلهم، فتركهم، هذه حادثة الإفك.