الجهة التي يأتي منها العدو، وكان هذا الخندق
بعد جبل سَلْع؛ ليكون جبل سَلْع يحمي ظهورهم من الخلف، ويكون الخندق يحميهم من
الأمام، إذا حصلت المواجهات.
فحفروا هذا الخندق
على ما فيهم من الضعف والجوع، وحفر معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يحفر
معهم كواحد منهم، حتى جهزوه على الوجه المطلوب.
فلما جاء المشركون
وعسكروا حول المدينة، وجدوا هذا الخندق حائلاً بينهم وبين المسلمين، قالوا: هذه
مكيدة ما كان يعرفها العرب، فمنعهم الله عز وجل بهذا الخندق، ونفع الله به.
واقتحم ثلاثة من
فرسانهم، دخلوا الخندق بخيلهم، منهم عمرو بن ود، وكان فاتكا شجاعًا مشهورًا،
فقالوا من يبارزنا؟ يقولون لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يبارزنا؟ على
عادة العرب بالمبارزة، فانتدب لهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعه من الصحابة
رضي الله عنه من معه، فقتل علي رضي الله عنه عمرو بن ود الفاتك الشجاع، الذي لا
يطاق، قتله هذا الشاب الشهم الهمام رضي الله عنه.
فلما رأى زملاؤه
ذلك، انهزموا، ورجعوا إلى قومهم.
وأيضا اليهود داخل
المدينة خانوا، خانوا العهد، وانضموا إلى المشركين، ولهذا قال الله جل وعلا: ﴿إِذۡ جَآءُوكُم مِّن
فَوۡقِكُمۡ وَمِنۡ أَسۡفَلَ مِنكُمۡ وَإِذۡ زَاغَتِ ٱلۡأَبۡصَٰرُ وَبَلَغَتِ
ٱلۡقُلُوبُ ٱلۡحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَا۠ ١٠ هُنَالِكَ ٱبۡتُلِيَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَزُلۡزِلُواْ زِلۡزَالٗا شَدِيدٗا﴾ [الأحزاب: 10- 11].
وانحاز معهم طابور
ثالث، وهم المنافقون، قال تعالى: ﴿وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ
مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا﴾ [الأحزاب: 12].