وَلِذَلِكَ ضَاقَ
عَنْهُ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ ضَاقَ.
وَأَجَابَ
الصِّدِّيقُ رضي الله عنه فِيهَا بِجَوابِ النِّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ، وَأَكْمَلُهُمْ
وَأَعْرَفُهُمْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَدِينِهِ،
*****
بعض الصحابة شق
عليهم صلح الحديبية، وترددوا فيه، وطلبوا مناجذة المشركين، وأبوا أن يكفوا عن
العمرة، والرسول صلى الله عليه وسلم عزم على ذلك؛ لما فيه من المصلحة والخير. وقد
قال تعالى: ﴿وَعَسَىٰٓ
أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ﴾ [البقرة: 216]، إلا أبا بكر
الصديق رضي الله عنه؛ فإنه لما قال عمر رضي الله عنه: «فَعَلاَمَ نُعْطِي
الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا»، قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو
مستسلم لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يحصل عنده أي تردد؛ لقوة إيمانه رضي
الله عنه.
أبو بكر الصديق رضي
الله عنه هو أفضل الصحابة، لأدلة كثيرة، منها هذا الموقف العظيم، الذي حصل على
المسلمين فيه تضايق، حتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إلا أبا بكر رضي الله عنه،
فهو مُسلمٌ، ولم يحصل عنده أدنى تردد لما قالوا له.
هو أقوى الصحابة رضي الله عنه إيمانًا، وزن إيمانه، فرجح بإيمان الأمة كلها رضي الله؛ كما جاء هذا في الحديث، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ وُزِنَ إِيمَانُ الأُمَّةِ بِإِيمَانِ أَبِي بَكْرٍ لَرَجَحَ إِيمَانُ أَبِي بَكْرٍ» ([1]).
([1]) أخرجه: أحمد في فضائل الصحابة (1/418)، وذكره الدارقطني في العلل (2/223).