وَأَشَدُّهُمْ
مُوَافَقَةً لَهُ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَسْأَلْ عُمَرُ إِلَّا النَّبِيَّ، والصِّدِّيقَ
خَاصَّةً.
*****
فثبت الله عز وجل به
الإسلام، وقمع به المرتدين، هذه مواقف الصديق رضي الله عنه.
عمر رضي الله عنه
سأل الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: «أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ عَلَى
البَاطِلِ؟ فَقَالَ: «بَلَى». فَقَالَ: أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الجَنَّةِ
وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: «بَلَى»، قَالَ: فَعَلاَمَ نُعْطِي
الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، أَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بَيْنَنَا
وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ: «يَا ابْنَ الخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَنْ
يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أَبَدًا». فَرَجَعَ مُتَغَيِّظًا فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى
جَاءَ أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ
عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم، وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسِكْ
بِغَرْزِهِ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الحَقِّ» ([1]). فهذا إيمان أبي
بكر رضي الله عنه، لا يوجد عنده شك في هذا.
ولما قالوا له صبيحة الإسراء والمعراج: «هَذَا صَاحِبُكَ يَزْعُمُ أَنَّهُ قَدْ أُسْرِيَ بِهِ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ رَجَعَ مِنْ لَيْلَتِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَوَ قَالَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنِّي أَشْهَدُ إِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ فَقَالُوا: أَتُصَدِّقَهُ بِأَنَّهُ جَاءَ الشَّامَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَرَجَعَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: نَعَمْ إِنِّي أُصَدِّقُهُ بِأَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ بُكْرَةً وَعَشِيًّا» ([2]). ولم يتردد في هذا.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (392)، ومسلم رقم (2405).