أن من جاء إلى المسلمين من المشركين، يرد عليهم،
وأن من ذهب من المسلمين إلى المشركين، لا يرده المشركون، وقد شق ذلك على أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كما ثبت في الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: «نَعَمْ،
إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللهُ، وَمَنْ جَاءَنَا
مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا» ([1])، فالرسول صلى الله
عليه وسلم يفي بالعهود.
لكن الله جل وعلا
أنزل قوله: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ
فَٱمۡتَحِنُوهُنَّۖ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ بِإِيمَٰنِهِنَّۖ فَإِنۡ عَلِمۡتُمُوهُنَّ
مُؤۡمِنَٰتٖ فَلَا تَرۡجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلۡكُفَّارِۖ لَا هُنَّ حِلّٞ لَّهُمۡ
وَلَا هُمۡ يَحِلُّونَ لَهُنَّۖ وَءَاتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْۚ وَلَا جُنَاحَ
عَلَيۡكُمۡ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّۚ﴾ [الممتحنة: 10].
فالكافرة إذا أسلمت
تحت رجل كافر انفسخ عقدها منه؛ لأنه لا يجوز للمسلمة أن تبقى تحت كافر، وهذا الشيء
معروف، لكن كيف ترد المرأة، إذا جاءت من المشركين أو إنها لا ترد؟ هل العقد
يشملها، أو لا يشملها؟
لاشك أنها لا ترد؛
لأن الله جل وعلا قال: ﴿فَلَا
تَرۡجِعُوهُنَّ﴾، لاشك أنها لا ترد، ولكن ما السبب في ذلك، مع أن الرسول صلى الله عليه
وسلم عاقدهم على أنه من جاء منهم مسلمًا يرد إليهم، وهو أوفي الناس بالعقود؟
فأجابوا عن هذا بعدة أجوبة، منها: أن هذا العقد لا يشمل النساء، وإنما هو خاص بالرجال، بدليل هذه الآية.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2731)، ومسلم رقم (1784).