ثُمَّ ذَكَرَ
حَدِيثَ إِعْطَائِهِ عَلِيًّا رضي الله عنه الرَّايَةَ ([1])،
*****
الرسول صلى الله
عليه وسلم حاصرها، وطال الحصار؛ لأنهم قد تحصنوا في حصنهم المنيع، حاصرهم الرسول
صلى الله عليه وسلم أيامًا كثيرة، واشتد بهم الأمر والجوع.
فالنبي صلى الله
عليه وسلم بشر المسلمين، فقال صلى الله عليه وسلم: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ
غَدًا رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ
وَرَسُولُهُ,يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ».
فعند ذلك بات كل
واحد من الصحابة يتطلع أن يكون هو ذلك الرجل الذي: «يُحِبُّ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ,يُفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ»، كل
منهم يتطلع: من هو الذي يعطيه الراية؟ ذلك لرغبتهم في الخير والحصول على هذه
البشارة.
فلما أصبحوا، غدوا
على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يريد أن يعطى الراية، فقال صلى الله عليه
وسلم: «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ» وكان رضي الله عنه قد تأخر لوجع
عينيه، قالوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنه يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ»؛ أي: أصابه
الرمد.
قال صلى الله عليه
وسلم: «فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ». فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ
يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ.
قوله: «كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ»؛ لما جعل الله عز وجل في ريق الرسول صلى الله عليه وسلم من البركة والشفاء، فشفاه الله حالاً، وذهب ما به من بأس، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، ثم دفع إليه الراية، فتبين من هو هذا الرجل، وأنه علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3701)، ومسلم رقم (2406)