فَغَيَّبُوا
مَسْكًا لِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، ثم ذكر الحديث ([1]).
فَلَمَّا أَرَادَ
إِجْلاَءَهُمْ، قَالُوا: دَعْنَا فِيهَا، فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاهَا عَلَى الشَّطْرِ
مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا ([2])،
*****
قال صلى الله عليه
وسلم مكذبًا لذلك: «الْعَهْدُ قَرِيبٌ وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ»؛
أي: لا يمكن أنه ينفق الذهب كله في فترة يسيرة.
«فَدَفَعَهُ رَسُولُ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَمَسَّهُ
بِعَذَابٍ»، دفعه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الزبير بن العوام رضي الله عنه،
وأمره أن يمسه بعذاب؛ لأن القرينة تدل على أنه كذاب، فهذا فيه دليل على التعزير،
على تعزير المتهم إذا كانت هناك قرينة على أنه كاذب في جحوده. فلما
ذاق العذاب، قال: أنا لا أدري، «قَدْ رَأَيْتُ حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خَرِبَةٍ
هَاهُنَا، فَذَهَبُوا فَطَافُوا، فَوَجَدُوا الْمَسْكَ فِي خَرِبَةٍ»، فدلهم
على الذهب، وبحثوا عنه، ووجدوه مدفونًا في الخربة، فأخذه المسلمون.
وقوله: «واشترط أن من
كتم أو غيب، فلا ذمة له ولا عهد»، وقد كتمو ذهب حيي بن أخطب، عمه وابن عمه
كتموه، فانتقض عهدهم بذلك.
لما أمر بإجلائهم؛ أي: اصطلح صلى الله عليه وسلم معهم على ترك قتلهم، وأن يجلوا منها، عرضوا على الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتركهم يعملون فيها بالشطر مما يخرج منها من الغلة، فهذا فيه دليل على جواز عقد المزارعة والمساقاة: المزارعة للأرض، والمساقاة للشجر.
([1]) أخرجه: ابن حبان رقم (5199)، والبيهقي في الكبرى (9/231).