وَإِنَّمَا
ذَلِكَ إِذَا خَافَ مِنْهُمُ الخِيَانَةَ، فَإِذَا تَحَقَّقَهَا، فَلا.
وَفِيهَا:
انْتِقَاضُ عَهْدِ الجَمِيعِ بِذَلِكَ إِذَا رَضَوَا بِهِ، كَمَا أَنَّهُمْ
يَدْخُلُونَ فِي العَهْدِ تَبَعًا.
*****
فقوله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ﴾، وهؤلاء خانوا
بالفعل، فلا حاجة إلى أن ينبذ إليهم على سواء، فلذلك باغتهم رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ونصره الله عز وجل عليهم.
كما بالآية، بقوله
تعالى: ﴿وَإِمَّا
تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ﴾، هؤلاء لم ينبذ
إليهم على سواء؛ لأنهم خانوا بالفعل، وليس هناك خوف، وإنما هو واقع، فإذا تحقق
الخيانةَ، فلا ينبذ إليهم.
فيه: أنه إذا خان بعضهم
ورؤساؤهم، شمل هذا الجميع، وحكم الجميع واحد، فحكم أهل مكة صار واحدًا.
إذا رضوا به، ولم
يعارضوا هذا، البقية لم يعارضوا هذا، وإلا لو عارضوه، ما شملهم الحكم، إنما لم
يعارضوا، فشملهم الحكم، فيعمهم.
كما أن العهد إذا عاهد رؤساؤهم وقادتهم، فإن البقية تبع لرؤسائهم، ليس كل واحد يعاهد؛ كما يقوله اليوم الليبراليون، والذين ينادون بحكم الشعب، وما أشبه ذلك، هذا كلام باطل، لا يبايع كل واحد، إذا بايع أهل الحل والعقد، انعقدت البيعة، والبقية تبع لأهل الحل والعقد من العلماء والقادة وأصحاب الرأي.