وَفِيهَا:
جَوَازُ الصُلْحِ عَشْرَ سِنِينَ، وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ يَجُوزُ فَوقَ ذَلِكَ
لِلحَاجَةِ وَالمَصْلَحَةِ.
وإن الإمام إذا
سئل فسكت، لم يكن بذلاً؛ لأن أبًا سفيان سأله تجديد العهد، فسكت.
*****
في غزوة الفتح كان
جواز الصلح عشر سنين؛ لأن صلح الحديبية عشر سنين، لكنهم لم يتمموه، قريش لم تتممه.
هذا الواقع أنه حدد
صلح الحديبية بعشر سنين، وليس هذا من: باب التحديد، وإنما هو واقعة عين فقط،
فتحديد المدة يرجع إلى المصلحة؛ قليلةً كانت أو كثيرة، فلا مفهوم لعشر سنين أنه لا
يزاد عليها.
لما حصل من أهل مكة
ما حصل، جاء أبو سفيان قائدهم إلى المدينة، وهو حينذاك مشرك، جاء إلى المدينة يريد
الاعتذار، وطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجدد العهد مرة أخرى، فالرسول صلى
الله عليه وسلم سكت، ولم يجبه، فدل على أن الساكت لم يوافق، دل هذا على أن السكوت
عدم موافقة.
وكان حين قدم أبو سفيان المدينة: «فَدَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ أُمّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَمّا ذَهَبَ لِيَجْلِسَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم طَوَتْهُ عَنْهُ فَقَالَ: يَا بُنَيّةُ، مَا أَدْرِي أَرَغِبْت بِي عَنْ هَذَا الْفِرَاشِ أَمْ رَغِبْت بِهِ عَنّي ؟ قَالَت: بَلْ هُوَ فِرَاشُ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ نَجِسٌ، وَلَمْ أُحِبّ أَنْ تَجْلِسَ عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ وَاَللّهِ لَقَدْ أَصَابَك يَا بُنَيّةُ بَعْدِي شَرّ» ([1]).
([1]) انظر: سيرة ابن هشام (2/386)، والروض الأنف (7/200)، وتاريخ الطبري (3/46).