وَلَمْ تَدْخُلْ
حَرَمَهُ كَمَا دَخَلَهُ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم مُنْحَنِيًا عَلَى فَرَسِهِ،
حَتَّى إِنَّ ذَقْنَهُ تكَادُ أَنْ تَمَسَّ قَرْبُوسَ سِرْجِهِ؛ تَوَاضُعًا
لِرَبِّه وَخُضُوعًا لِعَظَمَتِهِ، ولَيُبَيَّنَ لِمَنْ قَالَ: «لَنْ نُغْلَبَ
الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ» أَنَّ النَّصَرْ مِنْ عِنْدِهِ.
فَلَمَّا
انْكَسَرَتْ قُلُوبُهُمْ، أَرْسَلَ إِلَيْهَا خِلَعَ الجَبْرِ مَعَ بَرِيدِ
النَّصْرِ، ﴿ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى
ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾ [التوبة: 26 ].
*****
الرسول صلى الله
عليه وسلم دخلها منحنيًا على فرسه، دخل مكة متواضعًا جدًا، لكن بعض الشجعان
والمقاتلين لم يفعلوا هذا.
تعظيمًا لحرم الله
جل وعلا.
ليبين لمن قال من
الصحابة: «لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ».
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ
أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَيۡٔٗا﴾، هذا إعجاب، فأراد الله أن يبين لهم ضعفهم، وأن الكثرة لا تكفي، الكثرة
طيبة مع الإيمان، مع القوة، لكن لا يعتمد عليها؛ بل يطلب النصر من الله عز وجل.
وقد قال تعالى: ﴿كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ [البقرة: 249]،
فليست العبرة بالكثرة والقوة، إنما العبرة بما في القلوب من الإيمان واليقين
والعقيدة الصحيحة.
بعدما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وولوا مدبرين، أنزل الله عز وجل سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، الطمأنينة والملائكة، قال تعالى: ﴿لَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٖ وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَيۡٔٗا وَضَاقَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ وَلَّيۡتُم مُّدۡبِرِينَ ٢٥ ثُمَّ